استعصاء المنطقة الإسلامية على الغرب
عصام الشيخ غانم
تعيش الأمة الإسلامية اليوم حالة فريدة من نوعها لا يمكن وصفها إلا بالمرحلة الانتقالية من نظام إلى نظام. وما يمكن مشاهدته في حالة الأمة الإسلامية اليوم أنها تخلع ثوب الحقبة التي أعقبت هدم الخلافة وتقوم بتجهيز ثوب جديد لها. وهذه المرحلة التي تمر بها الأمة الإسلامية تتزامن أيضًا مع تغييرات عالمية كبيرة تفرض وجودها وأثرها على طريقة التفكير حول العالم. وحتى نفهم الحالة الإسلامية الجديدة «الانتقالية» ونلمس مظاهرها يجب وضع هذه التطورات في العالم الإسلامي وما يتعلق بها في العالم في سياق صحيح على النحو التالي:
أولًا: انهيار الاشتراكية
في الوضع الدولي الذي كان يقف فيه عملاقان فكريان في العالم (الرأسمالية والاشتراكية) وكان لكل واحد منهما دول تضم مئات الملايين من البشر، فقد تأثر العالم الإسلامي بذلك النزاع وبنفوذ تلك الدول في بلادنا، وكان انعكاس ذلك يمكن رؤيته في الأحزاب السياسية في بلادنا، فكانت إما أحزابًا ديمقراطية رأسمالية أو أحزابًا اشتراكية يسارية. وبفشل الاشتراكية في روسيا وأخواتها فقد تحطمت الركيزة الفكرية للأحزاب الشيوعية واليسارية في العالم الإسلامي، فانهارت تلك الأحزاب وتفرَّق أتباعها. وقد ساهم ذلك في تسريع عودة أبناء الأمة للإسلام، إذ إن انهيار الشيوعية وانكشاف زيف حتمياتها، وتحوُّل بلدانها إلى الرأسمالية من جديد، وهو أمر مستحيل في النظرية الشيوعية، قد أسقط من أذهان المسلمين أي أثر لذلك الفكر الإلحادي الذي كان يتحدى الدين، فخلت أذهان المسلمين من واحد من الملوثات الكبرى. وكانت مشاهد عودة الإسلام في آسيا الوسطى والقفقاز مرعبة للمراقبين حول العالم، إذ وبشكل سريع نمت تيارات فيها زخم كبير تدعو من مناطق الشيوعية سابقًا إلى إعادة الخلافة، فيما اتخذت تيارات أخرى من تلك البلاد الجهادَ طريقًا للعمل الإسلامي.
ثانيًا: ما بعد حرب أميركا على الإسلام
تذرعت أميركا بـ«الإرهاب» فشنت حملات عسكرية على أفغانستان والعراق، وبعدها اليمن والصومال وسوريا، كل ذلك لقتل «الإرهابيين» على حد زعمها. قتلت الحروب الأميركية ملايين المسلمين في أفغانستان والعراق واليمن وسوريا والصومال وغيرها، وكانت تستهدف كل من ينادي بالإسلام، واستفحلت أميركا بجرائمها تعيث في الأرض فسادًا. وعلى وقع هذه الحرب الأميركية على الإسلام والذعر الذي أشاعته فقد حصل ما يلي:
أدرك المسلمون بأن هذه الحرب هي حصرًا حرب على دين الإسلام، وأن أميركا تندفع بذعر منها متخوفةً من بناء دولة الإسلام العملاقة، ولم يكن هذا خفيًّا، فقد كان رئيس أميركا بوش الصغير يحذر بأن هذه التيارات المتطرفة تريد بناء دولة من إندونيسيا إلى إسبانيا. وفيما كان ذعر أميركا يدفعها إلى زيادة إجرامها، كان ذلك وعلى الجانب الآخر يدفع بالمسلمين إلى زيادة تعلقهم بدينهم ليس فقط عقائديًا، بل وبدعم التيار المتصاعد في الأمة والمنادي بفك الارتباط بين المسلمين والغرب.
وعلى وقع الجرائم الأميركية في العراق ضد المدنيين والبنية التحتية التي تهدمت على وقع القصف الشديد فقد وصل عداء المسلمين لأميركا عنان السماء، وأصبحت أميركا في ورطة لم تحسب حسابها؛ إذ أصبحت العدو رقم (واحد) للمسلمين، وقد تأصل ذلك في نفوس الغالبية الكاسحة من أبناء الأمة الإسلامية.
وعلى صعيد آخر وأمام الجرائم الأميركية والغربية في العراق وأفغانستان، فقد انهارت الدعاوى الغربية التي كانت عناوينها حقوق الإنسان والحرية وغيرها، فقد شاهد المسلمون الانتهاكات الأميركية الفظيعة في سجون أبو غريب وباغرام وغوانتينامو. وهذه الانتهاكات الجسيمة عرّت صورة أميركا وكشفت حقيقتها، فهي دولة متوحشة لا قيمة فيها للإنسان وحقوقه. وفضلًا عن انكشاف توحش أميركا أمام المسلمين، فقد أدى ذلك إلى انهيار آخر في الساحة الإسلامية؛ إذ انهارت الأحزاب الديمقراطية التي كانت تستقي من الغرب، بعد أن أصبح النموذج الغربي مقززًا ومثيرًا للاشمئزاز عند عامة المسلمين.
أدت الحرب الأميركية على الإسلام إلى تعاظم ثقة المسلمين بدينهم، فقد رأى المسلمون عجز أميركا عن هزيمة المقاومة في العراق وأفغانستان، وهي مقاومة لا تملك من العتاد والتدريب إلا القليل القليل مقارنة بما يملكه الجيش الأميركي الذي ظهر عاجزًا خائفًا نازفًا يبحث عن مخرج. وقد ذكرت صحيفة في كيان يهود بأن أسوأ ما نتج عن الحرب الأميركية في العراق أن المقاتلين الإسلاميين لم يعد يخيفهم الجيش الأميركي، أي أن المسلمين قد أدركوا صلابة وقوة الركيزة العقائدية في القتال، وأنها توازي أو تزيد عن ركائز القوة العسكرية والاقتصادية التي يتمتع بها الخصم. وهكذا أصبحت الحروب الأميركية في العالم الإسلامي وبالًا عليها، وورطاتٍ تتوسل للخروج منها؛ لكن الأهم أن المسلمين قد اكتشفوا أن أميركا خاصة والغرب عامة يستهدفون دينهم ويكرهونه ويعملون يوميًا على تدميره، فولَّد ذلك ردة فعل حملت المسلمين على الالتصاق بدينهم والثقة به والاعتماد على ربهم بشكل جماعي لم يسبق له مثيل منذ ما يزيد عن قرن من الزمان.
ثالثًا: حكومات المنطقة الإسلامية
ولأن أميركا تريد تحقيق أغراضها بسرعة وبأقل الخسائر في حربها على الإسلام، فقد دفعت معها الحكومات العميلة لتحارب معها الإسلام، وفعلًا انصاعت هذه الحكومات فأخذت تعتقل وتقتل وتشن حملات إعلامية وعسكرية كلها لخدمة أميركا، وكانت تلك الحكومات تندفع لأن أميركا تحفظ لها عرشها، بل إن أميركا قد فضحت تلك الحكومات حين أعلن ترامب بأن بعضها لن يصمد أسبوعين فيما لو رفعت عنها الحماية الأميركية!
وبانكشاف العداء الشديد للإسلام الذي تكنُّه الحكومات في المنطقة الإسلامية، وبسيرها مع أميركا لحرب شعوبها وضرب دينها، فقد تعرَّت هذه الحكومات، ولم يبقَ أي مبرر داخلي لوجودها. وبهذا فإن الأمة الإسلامية قد شاهدت معادلة الصراع بشكل هو الأوضح منذ ما يزيد عن قرن من الزمان، وفي هذه المعادلة تقف أميركا والغرب والحكومات في المنطقة الإسلامية في صف، فيما تقف الأمة الإسلامية وأحزابها المخلصة في صف آخر تمامًا، صف يعادي الإسلام وآخر يدافع عنه.
ومما يشير إلى وضوح الموضوع أيضًا ما يقوم به ابن سلمان في السعودية اليوم، فهو ينفذ الأجندات الأميركية بتحويل جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم إلى علمانية صريحة بعد أن كانت مقنَّعة، فرغم أن آل سعود لم يطبقوا الإسلام يومًا، فكانت بنوكهم تتعامل بالربا، وكانوا لا ينصرون مسلمًا في فلسطين، بل يتآمرون عليها، وكانوا يفتحون بلادهم لدول الكفر بما يتنافى مع أحكام الإسلام، إلا أنهم كانوا ببعض الأحكام البسيطة كالأحوال الشخصية، ورعاية المشايخ وإغداق المال عليهم يظهرون وكأنهم في صف المسلمين.
أما وقد جاهرت الإدارات الأميركية بعدائها للإسلام، وأنها لا تريد أن ترى شيئًا منه قريبًا من الحكم، فقد أخذ ابن سلمان يقيم حفلات الغناء الراقصة حول مدينة محمد صلى الله عليه وسلم، المدينة المنورة، وأبرز الفسوق والفجور والاختلاط وبنى دور السينما والاستثمارات السياحية لزيادة الفجور، وزج بعلماء المسلمين في السجون. وفي مصر نادى رئيسها السيسي بتغيير دين الله تحت عناوين «التجديد»، فهاجم تبعًا لذلك شيخُ الأزهر أحكامَ الإسلام في تعدد الزوجات، وطار ذليلًا إلى أبو ظبي ليلتقي ببابا الفاتيكان ليقدم له ولاءه، وبرزت علمانية مقيتة في مصر تحارب كل ما هو إسلامي. وليس هذا مقصورًا على مصر والسعودية، فقد أبرزت دويلة الإمارات عداءً منقطع النظير لكل ما هو إسلامي، وغيرها مثلها من حكومات المنطقة الإسلامية.
وهذا الواقع من إخلاص الحكومات في المنطقة في خدماتها لأميركا لضرب دين الإسلام وإن أدى إلى زيادة القمع والزج بالمخلصين في السجون؛ لكنه من زاوية أخرى، وهو الأهم، أدى إلى إزالة أي سبب لوجود هذه الحكومات فوق رؤوس المسلمين، فهي حكومات ممثلة للغرب المستعمر لبلاد المسلمين، وهي حكومات خادمة للكفار، مضيعة لمصالح المسلمين. وهذا الواقع حض المسلمين وبقوة على العمل للتخلص من هذه الحكومات؛ إذ إنها تمثل وجهًا آخر للاحتلال الغربي للعالم الإسلامي، ولا تكاد تجد في العالم بأسره حكومات تعمل ضد شعوبها كهذه الحكومات، فهي جبرية بامتياز، ولا تجد أحدًا يدعمها في الداخل إلا أن يكون جزءًا منها، أو منتفعًا بها ترتبط أرزاقه بها.
رابعًا: الربيع العربي
ربما كان أهل الفكر فقط هم من يثق بذلك الوصف للحالة في العالم الإسلامي، بل إن أصحاب الفكر في الغرب كانوا ربما لا يصدقون بأن حالة العالم الإسلامي قد وصلت إلى هذه الدرجة من العداء لحكوماتها وللغرب، وأنها ملتصقة بدينها بشكل كبير، لذلك باغتت احتجاجاتُ الربيع العربي أجهزةَ المخابرات الدولية التي لم تكن تتوقع هذه الهبات الجماهيرية القوية.
انطلقت الجماهير في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا تريد هدم هذه الأنظمة الديكتاتورية المعادية لشعوبها، فكانت موجات قوية قادرة عل هدم النظام، وعندها دقت أميركا والغرب نواقيس الخطر وانتابها الرعب مما هو قادم في المنطقة الإسلامية. وكانت موجات الاحتجاجات لكمات قوية أسقطت من الأنظمة رؤوسها وبعض أركانها الآخرين، إلا أن نفوذ الغرب في المنطقة الإسلامية قد مكَّنه من تجنب الأخطر. فقد انطلقت قطر، وهي مطبخ السياسة الإنجليزية في المنطقة، تتبنَّى الاحتجاجات وتدعمها إعلاميًا وماليًا، وأخذت تحرك جماعات ذات صبغة إسلامية للمناداة بالإصلاح بدل التغيير الشامل لتفتَّ في عضد الجماهير الغاضبة، فبعد أن توجهت الجماهير المصرية لحرق سفارة كيان يهود في القاهرة، قبل الرئيس مرسي باستمرار الالتزام باتفاقية كامب ديفيد ومدّ كيان يهود بالغاز المصري. وفي تونس قبلت الحركات التي أبرزتها قطر بالنظام القائم، فحصل تغيير أشخاص دون أن يتغير في النظام شيء. وفي ليبيا واليمن دفعت المنافسة الأميركية والأوروبية عملاءهما إلى الحرب الأهلية.
كانت سوريا تمثل المأزق الأكبر للغرب؛ إذ ظهر في الاحتجاجات السورية وبشكل واضح المناداة بالخلافة طريقًا للخلاص؛ لذلك استمرت الثورة سنوات طويلة جنَّدت أميركا خلالها قوى دولية وإقليمية على جانبين؛ إذ جنَّدت روسيا وإيران وأشياعها للحرب العسكرية ضد الثورة بعد أن كاد النظام يسقط، وجنَّدت تركيا والسعودية لاحتواء الثوار بالمال والدعم السياسي، فما أن وثِق قادة الفصائل المسلحة بتركيا والسعودية إلا وقد وجدوا أنفسهم يسلمون المناطق المحرَّرة للنظام تحت الضغط التركي. تهدَّمت سوريا وانهارت مدنها تحت القصف الروسي والإيراني المدعوم أميركيًا وغربيًا، وتحطمت آمال السوريين بالتغيير تحت وقع الضغوط التركية والسعودية المدعومة أميركيًا هي الأخرى، وقد سمى أهل سوريا إحدى جمعهم بجمعة «أميركا: ألم يشبع حقدك من دمائنا؟».
وهكذا نقلت أميركا ودول الكفر، ومعها الحكومات في المنطقة، حالة الغضب والثورة إلى الفوضى؛ ولكن أميركا وأعوانها أيضًا لا يستطيعون التحكم بها؛ إذ إن حالة الغضب قد أصبحت كاسحة ومقرونة بالدم. وهكذا يمكن الجزم بأن الأمة الإسلامية تعيش حالة جديدة عنوانها الرئيسي الاستعصاء على الغرب، وأنها اليوم بعيدة كل البعد عن أن تكون طيِّعة بيد الغرب تنفذ له مخططاته، وإن كانت الحكومات العميلة لا تزال تملك من بقايا القوة ما يؤهلها لخدمة أميركا والغرب وإضعاف شعبها والقضم من مصالحه. وحتى تكون الصورة واضحة بشكل أكبر نذكر المشاهد الكبيرة التي تدل على هذه الحالة «الانتقالية» الجديدة التي تعيشها الأمة:
المشاريع الفكرية
لا يوجد في الأمة اليوم أي مشروع فكري غير إسلامي. فالتيارات اليسارية منعدمة أو هامشية إلى حد كبير، والتيارات الديمقراطية الموجودة ليست أحزابًا حقيقة، ولا يوجد لها صدى في الشارع، والكثير منها أحزاب مكتبية يقوم عليها نخبة صغيرة للغاية من العلمانيين الذي يجتمعون في مكتب واحد للإعلان عن مواقف معينة، فيما يعمل الإعلام على تكبيرها وإظهار مواقفها، وعقد اللقاءات مع زعمائها لإبرازها كأحزاب؛ ولكنها كلها أحزاب وهمية لا أنصار لها في الأمة، ولا تؤثر على الشارع إلا بقدر ما يعطيها الغرب من أموال لكسب الأنصار والولاء والفوز ببعض المقاعد المهترئة في برلمانات الحكام الصورية التي ما أوجدت إلا لأن تعمل كأداة تجميل للحاكم المجرم.
وأما حزب الدولة، أو حزب السلطة، فهو الحزب الوحيد الذي يقف في وجه الإسلام في كل البلاد الإسلامية، وهذا الحزب لا يوجد له أيديولوجية، فهو حزب قومي اشتراكي في سوريا، وكان كذلك في العراق، ثم تحول إلى حزب ذي صبغة إسلامية طائفية في العراق بعد الاحتلال، وهو حزب وطني للتحرير كما في فلسطين وقد سلمها لليهود، ويمكن أن يكون هذا الحزب مؤتمرًا كحزب حاكم السودان، أو نداءً كحزب حاكم تونس، أو جبهة تحرير لا علاقة لها بالتحرير كالجزائر، أو حزباً ثوريًا كإيران يسيطر على اقتصاد البلاد ويجوع الشعب، أو خذ من المسميات ما شئت، ففي لبنان هو حزب للمستقبل باعتبار استثمارات الحريري المستقبلية، أو حزب ثورة كحزب إيران اللبناني لتحرير فلسطين، فإذا به يقتل المسلمين في سوريا ولبنان ولا يقتل اليهود! فهذه الأحزاب التي هي أحزاب الحكام هي حزب واحد فقط، يناضل ضد الأمة من أجل امتيازات الحاكم، وليس له وظيفة أخرى، وهذا الحزب يفوز في الانتخابات رغم أن الأمة تعاديه بشدة، ففي سوريا تثور الأمة ضد بشار، وهو يفوز في الانتخابات، وفي لبنان ينتفض الناس ضد الحكومة التي لا تستطيع حتى جمع القمامة من الشوارع، ثم تفوز أحزاب السلطة في الانتخابات، وفي مصر تزيد الحكومة إرهاق الناس فيفوز حزب السيسي!!…
والكثير من الناس لا يعلمون أسماء هذه الأحزاب، فهي متغيرة حسب شخص الحاكم، وهي ليست شيئًا يذكر، فلا فكر فيها، ولا مشروع تدعو إليه، ولا مستقبل تعد به، وهي حصرًا حزب لنظام يملك طاقات الأمة جبرًا، فيستخدم هذه الطاقات في الإعلام وشراء الذمم ليفوز بالانتخابات، ولا فرق بين أن يكون هذا الحزب محليًا كنداء تونس، أو ذا أبعاد إقليمية كحزب إيران اللبناني الذي يتقاضى رواتبه بملياري دولار من إيران، وإيران جائعة تخرج على حاكمها من شدة الجوع؛ لذلك فإن كل هذه الأحزاب، بغض النظر عن الاسم، ليست مشاريع فكرية، وعلى الرغم من كونها رأسمالية ديمقراطية أو ثورية أو ما شئت من المسميات، إلا أنها لا تدعو إلى أي ديمقراطية أو رأسمالية أو ثورة، إذ إن مثل تلك الدعوات ستسقطها من الحكم، فإذا ترك الشعب يختار حاكمه وممثليه فإن هؤلاء القائمين على حزب الدولة أو السلطة لا يمثلون إلا الفساد والتسلط والفشل في عيون الأمة.
وما يزيد في إركاس هذه الأحزاب أن دولها فاشلة بامتياز، فلا هي أحدثت نهضة، ولا أوجدت فرص عمل، ولا تنمية، ولا شيئًا من ذلك، لأنها تابعة للغرب الذي يريدها حرسًا للناطور (الحاكم) الذي يسهر على مصالح أميركا وأوروبا، ولا يعنيه شعبه بشيء. لذلك فهذه كلها أحزاب الفشل، وأحزاب الفساد، والتنفع بالسلطة، ولا قيمة لها بين الأمة، ولا وجود، وهي ستختفي كالأحزاب الشيوعية التي اختفت بعد سقوط روسيا، فلو رفعت عن تلك الأحزاب السلطة لوجدتها صفرًا، ولا أدل على ذلك من حزب البعث العراقي الذي صار صفرًا بعد أن فقد السلطة، والأحزاب التي ترعرعت بعده ستكون صفرًا عندما تفقد السلطة، وهكذا… أي أن حزب الدولة والسلطة لا يمثل أي مشروع فكري في الأمة، وهو يدور مع السلطة وجودًا وعدمًا.
وأما الحركات المصبوغة بالإسلام، وتوصف بالمعتدلة، فهي أيضًا لا تمثل مشروعًا فكريًا للأمة، وذلك أنها قد سارت مع المشروع الغربي للمنطقة الإسلامية والقاضي بتسليم مفاتيح الحكم لهذه الحركات لتكون سدًا ضد المشروع الإسلامي الحقيقي، وهذه الحركات قد تلوثت كثيرًا بالحكم، فقد تم تسليمها الرئاسة في مصر، ووقفت بجانب الحاكم في السودان، وكانت سندًا دينيًا قويًا للحكم الجبري في السعودية، وسيطرت جزئيًا على مقاليد الحكم في تونس، وبرزت بقوة في أطراف الصراع الليبي واليمني والفلسطيني. وفضلًا عن أن الأمة لم تلمس أي مشروع للإسلام تحمله هذه الحركات، ولم تطبق أي شيء منه حين تم تسليمها مفاتيح الحكم ولو جزئيًا؛ إلا أن تلقيها الدعم الغربي قد أفقدها الكثير من المصداقية. والكثير من هذه الحركات يعتمد على الدعم القطري والسعودي والتركي كشريان حياة له، وهذه الدول، قطر والسعودية وتركيا، هي أدوات للغرب، لذلك فإن دعم هذه الدول لتلك الحركات كان بقصد تسييرها مع الغرب، وهو ما كان فعلًا؛ إذ إن بروز هذه الحركات لفترة في الحكم لم يحمل معه أي مشروع فكري للإسلام، بل إن هذه الحركات ملوثة بمفاهيم تبعدها عن الإسلام، فهي تبنت مفاهيم المصلحة والتدرج وغيرها من المفاهيم التي تقربها من الغرب وتبعدها عن الإسلام، وهي لا تنادي بتطبيق الإسلام، بل تتملص منه كما كان في تجاربها في مصر وتونس وغيرها، وهي تتذرع بالتدرُّج لتهرب من تطبيق الإسلام.
وبالمجمل فإن الحركات التي تسمى بالإسلامية المعتدلة تفتقد لأي مشروع إسلامي واضح، وقد نجح الدعم الغربي عبر قطر والسعودية وتركيا بتحويل الغالبية العظمى من هذه الحركات إلى حركات وطنية، تعمل في حدود الوطن فقط.
وبهذا وذاك، فإن المشروع الفكري الوحيد الموجود في الأمة الإسلامية اليوم هو مشروع الخلافة، ولا يوجد أي مشروع يقابله، فالحركات اليسارية لا تنادي بالاشتراكية، والحركات الديمقراطية منعدمة، وليس لها وجود إلا حزب الدولة أو السلطة، وهو فاقد لأي أهلية لطرح مشروع فكري، وغير قادر على ذلك، بل لا يفكر في ذلك على الإطلاق؛ لأنه حزب تابع للاستعمار، وهو ينتظر التعليمات الصادرة للحاكم من واشنطن ولندن وباريس وموسكو. وأما حركات «الإسلام» المعتدل فهي لا تطرح مشروعًا إسلاميًا مخافة إغضاب الغرب، بل لا تملكه أصلًا في أدبياتها، وهي متلوثة بالدعم الغربي.
وإذا كان العالم الإسلامي يحوي الكثير من الحركات المخلصة، إلا أن المشروع الفكري الوحيد الموجود في الساحة هو مشروع الخلافة الذي يقدمه حزب التحرير. وعندما تكون الأجواء صافية نقية كما كان في سوريا، فإن الكثير من الفصائل المخلصة قد تبنت هذا المشروع؛ إذ إنها حركات قد دفعها إخلاصها للقتال ضد الحاكم دون أن تبلور مشروعًا فكريًا شاملًا؛ ولأنها مخلصة فقد وجدت في مشروع الخلافة ضالتها فتبنته، قبل أن يحرف الدعم التركي السعودي الكثير منها عن مشروع الخلافة الذي يتمسك به حزب التحرير، فابتعدت عن مشروع الخلافة وأضاعت تضحيات الشعب السوري.
التأهب للانقضاض على الحاكم
مع تأصل شعور الأمة بأن الحكومات تعاديها وتعادي دينها، فإن الأمة تقف متأهبةً للقضاء على الدول العلمانية التي يدعمها الغرب الكافر بكل ما أوتي من قوة. ومع شعور الأمة بالثقة بنفسها وبدينها وسقوط هيبة الدول الكبرى، فإن الأمة تتحرك فعلًا للقضاء على هذه الدول العلمانية، وما المشاهد التي نراها بعد الربيع العربي من احتجاجات شديدة تظهر هنا وهناك إلا دليل قوي على تأهب الأمة للخلاص من هذه الحكومات.
فإن انطلقت شرارة في السودان يشتعل السودان، وما إن انطلقت شرارة في الجزائر حتى اشتعل الجزائر، وهكذا كان في الأردن، وقبلها في كردستان العراق، بل وفي إيران نفسها. فشعور الأمة بعبثية هذه الأنظمة شعور عميق وشامل، فهذه الأنظمة والحكومات من الجزائر إلى السودان إلى الأردن إلى إيران قد استنفدت كافة طاقاتها في خدمة الغرب، لا فرق بين الحكومات التي جعلتها أميركا معتدلة كمصر، والحكومات التي جعلتها أميركا في محور الممانعة كإيران وسوريا. فإيران تقاتل مع أميركا في العراق ضد «الإرهاب»، وجماعاتها العراقية هي ذات الجماعات الداعمة للحكم الأميركي في العراق بعد الاحتلال. والمظاهرات تخرج في تونس رفضًا للحكم القائم بما في ذلك رفضًا لحركة النهضة ذات الصبغة الإسلامية المعتدلة، وقد خرجت في مصر ضد حكم مرسي لأنها لم ترَ فيه أي بديل للحكم القائم قبل أن يصبح خروجها موجهًا من الجيش من أجل الانقلاب على مرسي، والاحتجاجات عارمة ضد حكم البشير في السودان رغم أنه يعلن أنه «إسلامي معتدل»، فهذا كله لم يعد يجدي نفعًا. أي أن الأمة لم تعد تمرَّر عليها أكاذيب هذه الدعاوى، ولم تعد تنطلي عليها كلمات مدعيها الفارغة، فالأمة تريد أن ترى حكمًا حقيقيًا يطبق دينها ويعلي من مصالحها، لذلك فإن الأمة تلعن الدولة والحكومة، وتلعن حزبها، سواء أكان مسماه اشتراكيًا أم ديمقراطيًا أم يتنطع بالإسلام، وليس فيه من الإسلام إلا الاسم، فكل هذا لم يعد ينطلي على الأمة. والأمة تحتقر أصحاب المقامات من رؤساء وملوك ومدراء، وتحتقر من يدافع عنهم، وتنظر بعين الشفقة إلى المشايخ الذين يدافعون عن حكم آل سعود، بل وأنزلت المشايخ المدافعين عن البشير من على منابر المساجد في السودان.
وليس الكلام أن الأمة لا يعجبها هذا الحاكم فتريد تبديله ليبقى النظام نفسه، فقد شاهدت تبديل السيسي بمبارك، وتبديل هادي بعلي صالح، وتبديل السبسي ببن علي. وشاهدت الأقزام يتحدثون عن الحكم وهم ليسوا أهلًا له، واستمعت إلى الكثير من الخطب والمحاضرات، ثم تبين لها أن أصابع الغرب تعبث بهؤلاء الحكام أو المستوزرين، ورأت أمواله تغدق عليهم عبر قطر والسعودية وغيرهما، ثم وجدت الأسماء الجديدة على الطريق القديم نفسه، طريق بن علي ومبارك والقذافي وصالح وغيرهم… لكل ذلك فإن ما لا يريد الغرب الاعتراف به اليوم أن الأمة تريد فعلًا إسقاط النظام، وهي باتت عصية على الغرب في إقناعها بأسماء جديدة في الحكم ليسيروا على النهج البائد ذاته، حتى لو تسمَّوا زورًا بأسماء الإسلام، فالأمة تعرف الغث من السمين، وقد باتت تمتلك الميزان.
وهذا الميزان هو أقوى أداة لإنجاح التغيير الذي تمتلكه الأمة، فالأمة تريد مشروعًا إسلاميًا صافيًا نقيًا لا أثر فيه للغرب وأدواته، ورجال هذه المشروع لا علاقة لهم بأميركا والغرب، ولا علاقة لهم بقطر والسعودية وتركيا وأموالها وإعلامها، وفي الكثير من المواقع تعرف الأمة هؤلاء الرجال الذين يستمدون منها قوتهم، وهم يتكلون على ربهم ولأجله يسيرون. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن ذلك الميزان الذي بات موجودًا لدى الأمة وتريد منه أن ترى حكمًا حقيقيًا يضع حدًا للحكم الجبري فيقبره ويدفنه ويقضي عليه فعلًا، وليس يخرجه من الباب مع تصفيق الإعلام ثم يعود إليه من جديد من شباك الانتخابات كما حصل من عودة الأنظمة نفسها في تونس ومصر وغيرهما، وكأن ثورةً لم تحصل! فالأمة تناضل اليوم وتخرج إلى الشارع حتى ترى حكمًا حقيقيًا، وتلمس في رجال الحكم الجديد رعاية مصالح الأمة رعاية فعلية، وتقطيعًا لأوصال دول الكفر أميركا وأوروبا خاصة من بلاد المسلمين، والأمة تريد أن ترى جيوشها تخوض الحروب لأجلها، فكيف يمكن لحكم أن يقول للأمة بأنه حقيقي وكيان يهود غاصب لفلسطين، قلب الشام، وكيف يمكن لحكم حقيقي أن يستوي مع القواعد العسكرية الأميركية والأوروبية التي تعم المنطقة. فالأمة قد فقدت ملايين الشهداء في العراق وأفغانستان وسوريا وغيرها، ولا تبالي بتقديم المزيد منهم من أجل الخلاص من كيان يهود والقواعد العسكرية الأميركية وغيرها، وتوحيد بلاد المسلمين في دولة واحدة، وتطهير المنطقة من أي نفوذ للغرب الكافر.
العداء للغرب
تكتسح الأمة اليوم موجة عارمة من العداء لكل ما هو أميركي أو أوروبي، فالأمة شاهدت إفلاس أميركا وأوروبا في مسائل حقوق الإنسان في العراق وأفغانستان، وشاهدت القصف الوحشي الأميركي للأعراس في أفغانستان، ودائمًا حجتها «الإرهاب»، وشاهدت كيف يقتل كيان يهود الجرحى من أهل فلسطين في الشوارع، وهم ينزفون على الأرض، ويقول يهود: دفاعًا عن النفس! شاهدت كل ذلك، وشاهدت صمت المجتمع الدولي اللئيم وبراميل بشار وقنابل روسيا تنهال على أفران الخبز والمشافي لتقتل أكبر عددٍ من الناس، وتهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها، والعالم يتفرج، أيْ راضٍ عن ذلك الوضع على أمل أن يضع بشار وبراميله حدًا لاندفاع الشعب السوري نحو الإسلام وبناء دولته.
ومن ناحية أخرى، فإن الغرب ينقلب على نفسه، فأميركا تريد أن تأكل حلفاءها الأوروبيين وتطالبهم بخدمتها والمزيد من الدفع لقاء الحماية العسكرية، وترى حكومات أميركا وأوروبا تأكل شعوبها لصالح رأسمالييها، فكانت حركة «احتلوا وول ستريت في أميركا»، وحركة السترات الصفراء في فرنسا، تعبيرًا عن أن الرأسمالية قد بلغت مداها بالكامل، وآن أوان رحيلها حتى عن الغرب نفسه؛ لذلك فإن الرأسمالية بكل إنجازاتها لم تعد موضع احترام عند المسلمين، فهي كالوحش الذي يهاجم الآخرين لأكلهم، هكذا كان في العالم الإسلامي منذ «النهضة» الأوروبية وبداية عصر التوحش الرأسمالي، فإن لم يجد ما يأكله في الخارج أخذ يأكل نفسه، وها هي تأكل نفسها. وهذا النظام يجب أن يتم التعامل معه بعدائية كبيرة حتى قلعه من الكرة الأرضية، ولا تستحق دوله أي احترام. وهذا عين ما يزرعه دين الإسلام في نفوس المسلمين بأن يهبوا لإنقاذ العالم من هذا النظام المتوحش المسؤول عن قتل عشرات الملايين من بني الإنسان، وتجويع مئات الملايين من البشر.
وبالتدقيق، نجد أن الموقف في المنطقة الإسلامية جدٌّ لا هزل فيه، أمة يملؤها كُره الغرب الاستعماري، متأهبةً للخلاص منه ومن أتباعه المزروعين في الحكم في بلاد المسلمين… ونجد أن هذه الأمة وعلى عكس حالتها قبل عقود ثلاثة أو يزيد، فإنها اليوم تبصر طريقها وتشقه، وهي واثقة بنفسها وبقدراتها، فالعقيدة الإسلامية وما تولده من طاقة أيديولوجية قادرة على الوقوف في وجه الغرب، وقادرة على هزيمته رغم امتلاكه للآلة العسكرية الضخمة والقوة الاقتصادية الهائلة، بل وتدرك الأمة الإسلامية مواطن ضعف الرأسمالية، فالديون تكاد تعصف بأميركا، والإجرام في نفوس شواذها يفتك بها نفسها، وهي قادمة إلى انقسام كبير لتنشغل بنفسها، ولكن الأمة الإسلامية لا تنتظر ضعف الغرب لتتحرك، بل تحركها عقيدتها، والحيوية والاندفاع فيها تشاهَدان بالعين المجردة، وبدون أي مجهر استخباراتي، فتتحرك عند كل نازلة وواردة.
والأمة تكنّ كرهًا شديدًا لحكامها، وليست مستعدة للتسامح معهم، وتدعو ربها أن ترى فيهم يومًا أسود، ولا تخفي ذلك، وهذا ما يرعب الحكام ويجعلهم ينفذون كل ما تطلبه منهم أميركا على أمل حمايتها لهم من شعوبهم. وبعد سلسلة من التجارب المريرة، من اشتراكية فديمقراطية مزيفة، إلى علمانية صريحة أو مبطنة يسمونها «إسلامًا» معتدلًا، هذه الأمة وبعد هذه التجارب قد صارت تعرف قيادتها الفكرية، وتشير بالبنان إلى من لم تتلطخ أيديهم بدعم رخيص من أتباع الاستعمار قطر والسعودية وتركيا، إلى من لا يتهاونون في شرع الله، ويعرفونه من كتاب ربهم وسنة نبيهم، وليس من بنوك التفكير الأميركي والأوروبي التي أنتجت لهم فكرًا مرنًا يسمونه «إسلامًا». وهذه الأمة تعرف مشروعها الوحيد، وهو مشروع الإسلام العظيم، دولة خلافة على منهاج النبوة، فعلًا قبل أن تكون قولًا، عن طريق تطبيق نظام الإسلام كاملًا في مناحي الحياة، حتى يرضى عنهم ربهم، ويفتح عليهم بركات السماء، إسلام لا تشوبه شائبة، نظام طاهر نقي كما نزل على نبيه صلى الله عليه وسلم، دونما حاجة لفلان ليقول عنه مرن أو متطرف، فهو نظام الله الذي ارتضى لعباده أن يعيشوا وَفقه، فيكون طريقهم إلى سعادة الدنيا، وأهم من ذلك إلى الفوز بجنة عرضها السماوات والأرض.
هذه هي الحالة «الانتقالية» الجديدة التي تسيطر اليوم على أحوال الأمة الإسلامية في جميع أقطارها، وهي حالة تجد فيها أميركا وأوروبا أدواتها معطلة، فالأمة لا تكنُّ لهذه الدول المتوحشة أي تقدير، ولا تثق في سياساتها التي لا تهدف إلا لضرب دين الله واستمرار نفوذها في ديار الإسلام، ونهب ما فيه من قدرات وثروات، ولا تجد أميركا أي فعالية لأدواتها من حكومات محلية قد أزكم فشلها وخبثها وخياناتها كل الأنوف، فلم يعد لها من أتباع إلا بقدر ما تنفق من نقود ووظائف، بل إن الأمة تطارد هؤلاء الحكام وتتأهب لصرعهم وإقفال هذه الصفحة الأليمة من تاريخ هذه الأمة العظيمة. وإذا كان الغرب يدافع عن نفسه وعن نفوذه بكل ما أوتي من قوة وإجرام، فإن أمة الإسلام بحاجة إلى انتصار واحد فقط، ليكون له ما بعده، وإذا ما سقط حاكم سقوطًا حقيقيًا فإن سقوط باقي الحكام في جميع العالم الإسلامي مسألة سنة، وقت قصير؛ لتتحول هذه المرحلة «الانتقالية» إلى مرحلة استقرار من بناء دولة الإسلام العظيم، عملاقًا جبارًا يحقق قوله تعالى: (وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ لِلَّهِۖ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَلَا عُدۡوَٰنَ إِلَّا عَلَى ٱلظَّٰلِمِينَ) فتكون هيمنة الإسلام ودولته، وتنقلب الأمور دوليًا بسرعة قياسية تمامًا كما انقلبت على فارس والروم، وبرزت دولة محمد صلى الله عليه وسلم قوة لا تقهر… وإن غدًا لناظره لقريب.