النصر: معناه، سببه، شرطاه، موانعه
عبد الكريم أبو مصعب
نقول، وبالله التوفيق، أنه بسبب الثقافات الدخيلة، وتأثر أفهام المسلمين بها، وبعدهم عن التقيد الصحيح بأحكام الإسلام في هذه الأيام؛ يلتبس على الكثير منهم مفهوم النصر؛ وهذا أدى بدوره إلى اختلافهم في كيفية تحقيقه؛ فاختلفت تبعًا لذلك مواقفهم تجاه ما يحدث هذه الأيام في عالمنا الإسلامي.
فبعضهم يعتبره هبة إلهية يمنُّ الله بها على من يشاء من عباده، من دون استحقاق واستعداد وتهيئة وامتحان وكرب… وهذا خطأ لقوله تعالى: ﴿وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم بِبَعۡضٖۗ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ ٤ سَيَهۡدِيهِمۡ وَيُصۡلِحُ بَالَهُمۡ ٥ وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ ٦ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ ٧﴾ [محمد]. فالنصر من الله له تكاليفه الشرعية، وليس أمانيَّ كأمانيِّ أهل الكتاب، قال تعالى: ﴿لَّيۡسَ بِأَمَانِيِّكُمۡ وَلَآ أَمَانِيِّ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِۗ مَن يَعۡمَلۡ سُوٓءٗا يُجۡزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدۡ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا ١٢٣﴾ [النساء]. ومنهم من يعتقد أن الواقع لا يسمح بالنصر حاليًا، وأنه بعيد عنا؛ لذلك ارتـأى أن يذوب في هذا الواقع، ومنهم من يربطه بظهور المهدي وأحاديث آخر الزمان وأقاويل كثيرة في هذا المجال.
لو راقبنا حركة التاريخ، وصراع الحضارات لأبصرنا بأن المداولة بين الناس والدول سُنَّة كونية، فما من دولة استحوذت التاريخ البشري كله، وما من دولة استمرت إلى ما لا نهاية، ومداولة الأيام سنَّة من سنن الله في مجتمعنا البشري، فتكون مرة لأهل الباطل ومرة لأهل الحق، وإنما مضمون لصاحب الحق أن تكون العاقبة له ما دام على الحق، فالسنَّة الإلهية قانون ثابت لا يحابي أحدًا، ولا يستثني أحدًا، إلا بإذن الله، فمن وقع تحت نطاقها انطبقت عليه كما تنطبق على غيره، وهذا يفهم من قوله تعالى: ﴿إِن يَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحٞ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحٞ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَآءَۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ ١٤٠﴾ [آل عمران]. ولذلك وجدنا أن نسلط الضوء على مفهوم النصر بشكل عام:
النصر لغة تتضمن عدة معانٍ منها: العون والتأييد… والنصر اصطلاحًا هو التأييد الذي يكون به قهر الأعداء وغلبهم والاستعلاء عليهم. وكلمة «النصر» في القرآن الكريم جاءت مع مشتقاتها وصيغها في مواضع كثيرة جدًا.
أما كلمة النصر شرعًا، فقد ذكرت في أحد عشر موضعًا، وجاءت متنوعة في كل موضع، بحسب سياق الآية، ومن أهم معانيها:
أولًا: الحماية والدفع، وأغلبها في سياق تهديد الكفار والعصاة، وذلك بعدة صيغ:
1- بصيغة نفي الحماية من عذاب الآخرة ،كقوله تعالى: ﴿يَوۡمَ لَا يُغۡنِي عَنۡهُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡٔٗا وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ ٤٦﴾[الطور].
2- بصيغة نفي القدرة الذاتية عن دفع العذاب كقوله تعالى: ﴿وَيَٰقَوۡمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمۡۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [هود].
3- بصيغة الانتقام برد الظلم: كقوله تعالى: ﴿وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعۡدَ ظُلۡمِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَا عَلَيۡهِم مِّن سَبِيلٍ ٤١﴾ [الشورى].
4- بصيغة العون والمساعدة: كقوله ﴿مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ثُمَّ لۡيَقۡطَعۡ فَلۡيَنظُرۡ هَلۡ يُذۡهِبَنَّ كَيۡدُهُۥ مَا يَغِيظُ ١٥﴾[الحج].
وهنا ذكر العلماء فرقًا بين النصر والإعانة، بحيث لا يكون النصر إلَّا على المنازع، والعون يكون على ذاك وغيره، أي أن العون أعم من النصر.
ثانيًا: الغلبة والظفر: وهذا المعنى الذي يتبادر إلى الذهن عند سماع كلمة النصر كقوله ﴿وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ وَلِتَطۡمَئِنَّ بِهِۦ قُلُوبُكُمۡۚ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ١٠﴾ [الأنفال] وهذا يؤكد انحصار حقيقة النصر بالله وحده.
ثالثًا: مشتقات النصر: وهي كثيرة في القرآن، نذكر منها على سبيل الذكر فقط: الفتح، التمكين، الظهور، الفوز، الفرقان، النجاة، الغلبة…
مما سبق، ومن تعريف السبب أصوليًا، وهو ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته، نتوصل بأن سبب النصر هو بيد الله حصرًا، وثمنه أن تنصر دينه، وله شرطان، ومن تعريف الشرط أصوليًا، وهو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، وهو ناتج عن واهبه، وهو الله تعالى. وشرطا النصر هما:
1- الإيمان الذي يحملنا على طاعته والاستعانة به وحده ونسلِّم له تسليمًا، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوۡمِهِمۡ فَجَآءُوهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَٱنتَقَمۡنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٤٧﴾.
2- الإعداد القوي بمعناه العام، والعدة المتاحة وليس كمال العدة في قوله تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ ٦٠) [الأنفال].
وللنصر أنواع منها:
1) النصر الذي وعدنا الله به إذا استحققناه واستوفينا شرطيه، وهما: الإيمان، وإعداد القوة المتاحة، وأي تقصير أو مخالفة لا يحدث النصر، ومثالنا في أُحُد حيث وقع بعض الصحابة في معصية عندما غادر الرماة مواقعهم، وخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي يوم حنين حيث وقعوا في شرك خفي حين أعجبتهم قوتهم.
2) وهناك نصر تفضيلي، وهنا حكمة الله هي التي تقتضي أن ينتصر طرف على طرف مثاله قوله تعالى: ﴿غُلِبَتِ ٱلرُّومُ ٢ فِيٓ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَيَغۡلِبُونَ ٣ فِي بِضۡعِ سِنِينَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٤﴾ [الروم].
3) وهناك نصر للمبدأ وهو أن يموت الإنسان على مبدئه، وهو منصور عند الله، ومثاله أصحاب الأخدود، فهم ماتوا جميعًا، ولكنهم انتصروا نصرًا مبدئيًا؛ لأنهم ثبتوا على إيمانهم بالله تعالى.
هذه هي أنواع النصر، ولكن النصر الذي وعدنا الله به، وبشرنا به رسوله الكريم هو النصر الأول، أي النصر الذي استحققناه، نسأل الله أن يكون قريبًا.
وسوف نتطرق الآن لعلاقة النصر بالابتلاء والتدافع، والجهد البشري، فمن الحقائق الثابتة في القرآن أنه لا نصر دون ابتلاء، وهناك من يقول: هل من الضروري أن نبتلى حتى ننتصر؟ نعم، لقد اقتضت سنة الله تعالى أنه لا بد من الشدائد والكروب حتى لا يبقى بقية من جهد ولا طاقة، ثم يجيء النصر بعد اليأس من كل الأسباب الظاهرة. قال تعالى: ﴿أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَأۡتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۖ مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلۡزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ أَلَآ إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ ٢١٤﴾ [البقرة].
ولولا دفع الله أهل الباطل بأهل الحق، لغلب أهل الباطل والفساد، وبغوا على الصالحين؛ فتفسد الأرض؛ ولذلك نجد التدافع قبل النصر، أي أن الحق يتصارع مع الباطل حتى يكون التصارع على أشده ومباشرًا، فيؤيد الله عز وجل الحق بنصره قولًا وفعلًا ونتيجةً، كقوله تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِيرٗاۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ٤٠﴾ [الحج]. وإن بعض المفاهيم الخاطئة لدى المسلمين اليوم أورثهم مفهوم التواكل، وهذا سببه جهلهم بهذا الدين الذي هو منهج إلهي لحياة البشرية؛ فلذلك وجب الجهد البشري في حدود الواقع المادي؛ ولذلك حتى يتحقق النصر البشري يجب أن يحمل جماعة من البشر هذا الدين، فيؤمنوا به إيمانًا كاملًا، ويمتحنوا فيه حتى يستقيموا عليه، ويجتهدوا لتحقيقه في قلوب الآخرين، فينتصرون على أنفسهم بثباتهم وتمسكهم بدينهم، ثم يأتي النصر بعد أن يتحقق التغيير البشري، فيتبعه تغيير إلهي ويتحقق النصر كقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ﴾ [الرعد:11].
وأيضًا للنصر موانعُ. المانع أصوليًا هو ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته. ومنها على سبيل الذكر:
-
التنازع والفرقة قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ٤٦﴾ [الأنفال]. والتنازع هو الاختلاف الذي يدب بين المجاهدين في سبيل الله بعد حصولهم على قوة، قال تعالى: ﴿وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ﴾.
-
المعصية ومخالفة الأوامر، وهنا المعصية هي مخالفة أوامر الله، ومخالفة أوامر القادة فيما لا يغضب الله، وأن لا ينجروا وراء المكاسب اللحظية من مالٍ ومنصبٍ وغيرها.
-
موالاة غير الله، واتباع سبيل غير سبيله: إن أردنا أن ينصرنا الله علينا أن لا نوالي غير الله، ولا نتبع غير سبيله قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةٗ مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ ١١٨﴾ [آل عمران]. وغيرها من الموانع.
وبعد كل هذا البعد عن الله، نتساءل أين نصر الله الذي وعد؟ ولكن قد يتأخر النصر قليلًا على الذين يعملون بحق ويحاولون استئناف الحياة الإسلامية، وذلك لأن النصر لا يأتي مصادفة، وإنما يخضع لسنة وقانون رباني، وما أبطأه الله إلا لحكمه له سبحانه، ومن صورها:
1) أن الأمة لم تنضج بعد لنيل النصر، فإن نصرت لم تقدر على حماية نصرها.
2) أو لم يتبلور في قناعتها أن كل قوى الدنيا مجتمعة لا تكفل لها النصر دون الله تعالى.
3) أو أن الأمة لم تتيقن أن صلتها بالله هي الضمانة الوحيدة لاستقامتها بعد تحقق النصر.
4) أو حتى ينكشف لنا كل زائف ومخادع، ويتعرى أهل الباطل بكل أشكاله.
أما استعجال النصر، فهو ليس عيبًا، أو حرامًا؛ لأن الإنسان بطبعه عجول لقول الله تعالى: ﴿وَيَدۡعُ ٱلۡإِنسَٰنُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُۥ بِٱلۡخَيۡرِۖ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ عَجُولٗا ١١﴾ [الإسراء]. فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طلبوا أن يستنصر لهم، ويدعو لهم، فطالبهم بالصبر. شكا خباب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسِّدٌ بُردةً له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟، قال صلى الله عليه وسلم: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» (البخاري).
بعد هذا التبيان البسيط نقول: نعم إن نصر الله قادم لا محالة متى استوفينا شرطيه، وإنما يبدأ التغيير من بني البشر، وأن يأخذ كل شخص منا على عاتقه أن يكون من هذه الجماعة التي تحمل الدعوة إلى دين الله بكل إخلاص، ويسقط الإثم على كاهله بأن يعمل مع العاملين، وإن كان منهم أن يبذل قصارى جهده، وفي هذه الأيام تكشفت لنا كثير من الأقنعة الزائفة، والشعارات الرنانة الفارغة المحتوى، ولم يبقَ في الساحة إلا القليل، فبجهدٍ بسيط تستطيع أخي المؤمن أن تجد هذه الجماعة التي لديها مشروعٌ واضحٌ، وهدفٌ مبدئي، ولا تحيد عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم؛ لعل الله يكتب لك الخير، وينير لك البصيرة، فإنك مطالب بالسعي، والعمل الجماعي للتغيير، وأن يكون عملك مبرئًا للذمة. والله من وراء القصد