يجب أن يقطع الشجرة أحد أبنائها
1988/10/23م
المقالات
2,663 زيارة
جاء في وصية القس زويمر المسيحي المشهور في الوطن العربي في الثلث الأول من هذا القرن، قوله: «إن تبشير المسلمين يجب أن يكون بلسان رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم، لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أبنائها».
ولعل التطبيق العلمي لهذا التوجيه كان أبين من أن يحتاج لاستقصاء طويل، وأوضح مثال على كتبه سلامة موسى والدكتور طه حسين.
فسلامة موسى عندما أصدر كتابه «اليوم والغد» لم يلق كتابه رواجاً يذكر لأن سلامة موسى كان مسيحياً، وفكرة من صلب فكر المبشرين، ألا وقد سخر سلامة موسى علناً من الإسلام والمسلمين، فاعتبره المسلمون جزءاً من الشبكة الصليبية المنبثقة في بلاد الإسلام.
ولكن الأمر اختلف عندما اقتبس الدكتور طه حسين أفكار سلامة موسى نفسها ونقحها وأعاد صياغتها وعرضها بعد عشر سنوات في كتاب «مستقبل الثقافة في مصر» فقد أحدثت ضجة كبرى وجرى حولها النقاش لا على أساس أنها فراز تبشيري وإنما على أساس أنها رأي يقوم على الموضوعية في البحث والاستقصاء، وعلى أنها رأي «تقدمي» وجد المئات من المدافعين عنه دون أن يستشعر أي واحد منهم الدفع التبشيري من ورائه، ودون الإحساس بعقدة الذيلية لأوروبا، فالدكتور طه حسين رجل مسلم وعالم أزهري قبل أن يرى أوروبا، وهو رجل على قمة أجهزة التوجيه الثقافي والتعليمي في مصر، فقد كان وزيراً للمعارف وعميداً لكلية الآداب بجامعة القاهرة وعميداً لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية ووكيلاً بوازرة التربية والتعليم ثم مستشاراً فنياً بها.. إلى غيرها من الوظائف الرسمية والمسؤوليات الكبرى في مصر.
ولذلك يبدو قول «زويمر» ـ أن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أبنائها ـ وهو التخطيط النظري لما حدث.
عن مجلة «الشراع» العدد: 338
1988-10-23