اختيار الله أولى
2013/12/11م
المقالات
1,958 زيارة
اختيار الله أولى
ينبغي لمن وقع في شدة ثم دعا الله أن لا يختلج في قلبه أمر من تأخير الإجابة أو عدمه؛ لأن الذي إليه يدعو حكيم عليم، فإن لم يجبْ فعَل ما يشاء في ملكه، وإن أخَّر فعَل بمقتضى حكمته. فالمعترض عليه في سرِّه، خارج عن صفة عبد، مزاحم بمرتبة مستحق.
ثم ليعلم أن اختيار الله عز وجل له خير من اختياره لنفسه. فربما سأل سيلاً سال به وفي الحديث: أن رجلاً كان يسأل الله عز وجل أن يرزقه الجهاد فهتف به هاتف: إنك إن غزوت أسرت، وإن أسرت تنصَّرت.
فإذا سلَّم العبد تحكيماً لحكمته وحكمه، وأيقن أن الكل ملكه؛ طاب قلبه، قضيت حاجته أو لم تُقضَ. وفي الحديث: ما من مسلم دعا الله تعالى إلا أجابه. فإما أن يعجلها، وإما أن يؤخرها، وإما أن يدخرها له في الآخرة.
فإذا رأى يوم القيامة أن ما أجيب فيه قد ذهب، وما لم يجب فيه قد بقي ثوابه، قال: ليتك لم تجبْ لي دعوة قط.
فافهم هذه الأشياء وسلم قلبك من أن يختلج فيه ريب أو استعجال.
حالة القلب مع العبادة
أعظم المعاقبة أن لا يحس المعاقَبُ بالعقوبة. وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو عقوبة، كالفرح بالمال الحرام، والتمكن من الذنوب. ومَنْ هذه حالُه، لا يفوز بطاعة.
وإني تدبرت أحوال أكثر العلماء والمتزهدين فرأيتهم في عقوبات لا يُحسون بها، ومعظمها من قِبل طلبهم للرياسة. فالعالم منهم يغضب إن رُدَّ عليه خطؤه، والواعظ متصنِّع بوعظه، والمتزهِّد منافق أو مُراء.
فأول عقوباتهم إعراضهم عن الحق شغلاً بالخَلق. ومن خفيِّ عقوباتهم سلب حلاوة المناجاة ولذة التعبد.
إلا رجال مؤمنون، ونساء مؤمنات، يحفظ الله بهم الأرض. بواطنهم كظواهرهم، بل أجلى. وسرائرهم كعلانيتهم، بل أحلى. وهممهم عند الثريا، بل أعلى. إن عرفوا تنكَّروا، وإن رئيت لهم كرامة أنكروا.
فالناس في غفلاتهم، وهم في قطع فلاتهم، تحبهم بقاع الأرض، وتفرح بهم أفلاك السماء.
نسأل الله عز وجل التوفيق لاتباعهم، وأن يجعلنا من أتباعهم.q
2013-12-11