في السادس من آب 1990 وزع حرب التحرير بياناً تحت عنوان (هَذَا بَلاَغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ) جاء فيه «… إن أميركا تتذرع في اتخاذ هذه المواقف والتدخلات الوقحة بالمحافظة على القانون الدولي، وحماية الأصدقاء، وبتأمين بقاء إمدادات النفط إلى العالم آمنة ولحماية الأمن القومي الأميركي والمصالح الأميركية. فأي قانون دولي هذا الذي تدعي أميركا أنها تحميه؟ وأين كان هذا القانون الدولي يوم عزت بريطانيا جزر الفوكلاند؟ وأين كانت أميركا يوم غزت إسرائيل لبنان واحتلت عاصمته بيروت؟! بل أين كانت حمايتها للقانون الدولي يوم وطئته بقدميها واحتلت جزيرة غرينادا؟ ويم احتلت بنما؟ ويوم ضربت ليبيا بالطائرات لقتل القذافي؟!
إن العراق والكويت والخليج بلاد إسلامية وأهلها مسلمون وهي ليست بلاداً أميركية ولا بلاداً إنجليزية حتى تتدخل أميركا أو بريطانيا في شؤونها وحل قضاياهم، وثروة هذه البلاد هي ملك لأهلها المسلمين وليست ملكاً لأميركا ولا لبريطانيا ولا لأية دولة في الغرب أو في الشرق.
أيها المسلمون: إن وضع المسلمين قضاياهم بيد غيرهم من الكفار ليحلوها لهم هو وسيلة لجعل سلطان وسبيل لهؤلاء الكفار على المسلمين، والله سبحانه قد حرم على المسلمين أن يجعلوا للكفار عليهم سلطاناً وسبيلاً حيث قال: ]وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً[ كما أن الوسيلة إلى الحرام محرمة شرعاً. وكما لا يجوز للمسلمين أن يضعوا قضاياهم بيد غيرهم من الكافر ليحلوها لهم كذلك لا يجوز لهم أن يستعينوا بهم أو أن يستنصروهم ليدافعوا عنهم أو ليحموهم أو ليحلوا لهم قضاياهم بواسطة قواتهم العسكرية، لأن الاستعانة بالكفار ليحاربوا تحت رايتهم لنصرة الكفار على المسلمين غير جائزة، والاستعانة بهم لنصرة مسلم على مسلم غير جائزة من باب أولى وهي أشدُّ حرمة، والله سبحانه وتعالى يقول: ]لاَ يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ[ أي لا يجوز للمسلمين أن يتخذوا الكافرين أنصاراً من دون المؤمنين، فالوليّ هو النصير، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيما رواه أحمد والنسائي عن أنس «لا تستضيئوا بنار المشركين».
وفي الحادي عشر من آب أصدر بياناً عن قمة القاهرة بعنوان «قمة القاهرة لتغطية التدخل الأميركي» ورد فيه: فمؤتمر قمة القاهرة عُقد بطلب من أميركا، وحددت قراراته سلفاً، لذلك لم يكن غريباً أن لا يصدر عنه أي شجب للتدخل الأميركي في منطقة الخليج، لأنه ما عقد إلا لمباركة هذا التدخل وإيجاد المبررات له. إن التدخل الأميركي في منطقة الخليج هو بمقام الغزو لهذه المنطقة للاستيلاء عليها، وفرض السيطرة الأميركية على أهلها، والاستئثار بثرواتها.
لذلك فإن الإسلام يفرض عليكم التصدّي لهذا التدخل الأميركي بجميع الوسائل للحيلولة بينه وبين تحقيق غايته، ورده على أعقابه ذليلاً خائباً، رداً تكسر فيه هيبة أميركا، وتمرّغ به عظمتها وكبرياؤها في التراب.
كما صدر بيان آخر بعنوان «مقاطعة المسلمين بعضهم بعضاً حرام شرعاً» وعن مقاطعة الدول بما فيها الدويلات القائمة في العالم الإسلامية يقول البيان «هذا فضلاً عن أن الإسلام يحرّم هذه المقاطعة تحريماً جازماً ويعتبرها تعاوناً مع الكفار بالإثم والعدوان على المسلمين. لذلك فإن قيام تركيا وآل سعود ومصر وغيرها من الدول في العالم الإسلامي ومنه العربي بالمشاركة في فرض هذه العقوبات التجارية والاقتصادية على المسلمين وعلى البلاد الإسلامية وتعاوناً على الإثم والعدوان على المسلمين. والله سبحانه وتعالى يقول: ]وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ[.
والإسلام يحرم على المسلمين أن يقاطع بعضهم بعضاً، لما روى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا» كما أن الإسلام يحرم على المسلمين أن يظلم بعضهم بعضاً، أو أن يخذل بعضهم بعضاً. والمقاطعة للمسلمين في العراق هي خذلان لهم، وترك لنصرتهم، وإعانة للظالم الكافر على ظلمهم والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره» ومعنى لا يخذله أي لا يترك إعانته ونصرته، فإذا استعان به في دفع الظلم عنه لزمه إعانته.
وفي البيان الرابع والذي عنوانه «الإسلام يحرم المعاهدات والأحلاف العسكرية» ورد ما نصه: على الرغم من أن الله سبحانه وتعالى قد نهى المسلمين أن يتخذوا اليهود والنصارى أولياء لهم وأنصاراً، وبيّن أن من يتولهم من المسلمين يكن منهم أي يهودياً أو نصرانياً. رغم ذلك فالملك فهد بن عبد العزيز وآل سعود قد اتخذوا أميركا النصرانية الكافرة ولياً لهم ونصيراً، إذ عقد الملك فهد معها اتفاقية عسكرية بناء على طلب أميركا، وتقوم أميركا بمقتضى هذه الاتفاقية العسكرية بحماية الأسرة السعودية، والحكم السعودي، وحماية آبار النفط والأراضي السعودية من غزو عراقي محتمل، ومن كل عدو لآل سعود، داخلياً كان هذا العدو أو غير داخلي، ويضع الملك فهد بمقتضى هذه الاتفاقية العسكرية القواعد المطارات والمرافئ والأراضي السعودية تحت تصرف أميركا وقواتها العسكرية، والجوية والبرية والبحرية تستعملها بالشكل الذي تراه أميركا يحقق أهداف هذه الاتفاقية وأهداف أميركا في السعودية ومنطقة الخليج… أما حكم الإسلام في هذه الاتفاقية العسكرية وفي هذه القواعد العسكرية، وحكمه في كل معاهدة عسكرية، وفي كل حلف عسكري يعقد بين المسلمين وغيرهم من دول الكفر كأميركا وبريطانيا وفرنسا وروسيا كحلف بغداد السابق الذي كان معقوداً بين العراق وإيران وتركيا وباكستان (البلاد الإسلامية) وبين بريطانيا الدولة الكافرة، وكحلف الأطلسي المعقود بين الدول الغربية الكافرة وداخله فيه تركيا البلد الإسلامي ـ فهو الحرمة، وعدم الجواز شرعاً…»¨