حول أزمة الخليج
1990/10/08م
المقالات
1,812 زيارة
26 من ربيع الثاني 1411
14 من تشرين الثاني 1990
إن الوضع بالنسبة لأزمة الخليج، بالرغم من كل التصعيدات الأميركية له لم يتغير عما خرجت به قمة هلنسكي بين بوش وغورباتشوف. فمع تصعيدات بوش للموقف هناك المساعي الدولية الحثيثة لانهاء الأزمة سلمياً، وليس عسكرياً. فالتحركات الدولية من الاتحاد السوفياتي وفرنسا والصين وغيرهم كلها موجهة لانهاء الأزمة سلمياً لا عسكرياً، وبالمفاوضات التي تحفظ للعراق ماء وجهه والتي تنظر بعين الاعتبار إلى مطالبه في الكويت. غير أن بوش مصرّ على رفض الحلول الوسط، وعلى وجوب تنفيذ العراق لجميع مقررات مجلس الأمن كاملة، دون أن يحصل على أي كسب جراء احتلاله للكويت بعد انسحابه منها. لذلك زاد بوش من التصعيد للموقف، وأمر بإرسال قوات جديدة إلى منطقة الخليج ليوهم العالم أجمع أنه مصمم على استعمال الخيار العسكري إذا لم ينسحب العراق من الكويت انسحاباً تاماً.
وهذه اللهجة التصعيدية من بوش جعلت كثيراً من الشخصيات الأميركية في الكونغرس الأميركي وغيره تتخوف وتطالب بوش بعد التسرع للقيام بأية عملية عسكرية، وأنه يجب الانتظار حتى تؤتي المقاطعة للعراق ثمارها، وحتى تستنفذ جميع المحاولات السلمية دون نتيجة، كما تطالبه بأن لا يقوم بأي عمل عسكري يورط فيه الشعب الأميركي في حرب مدمرة قبل أن يأخذ تفويضاً من الكونغرس الأميركي بذلك، بعد أن تستنفذ جميع الوسائل السلمية.
إن بوش ليس متسرعاً لانهاء أزمة الخليج، بل هو يعمل على اطالة أمدها، لأن حلها يعني سحب القوات الأميركية من منطقة الخليج، وهو عازم على إبقائها في الخليج حتى تحقق الغرض الذي أرسلت إلى الخليج لأجله، وهو الهيمنة الأميركية التامة على منطقة الخليج، والتحكم بها وبنفطها وبالدول القائمة فيها. لذلك لا يوجد لدى بوش ما يدعوه إلى الاستعجال لإنهاء الأزمة. فاستمرار الأزمة يسهل لأميركا احتلال الخليج والتوصل إلى فرض الهيمنة الأميركية عليه.
وبوش يريد أن ينهي المشكلة مع العراق من خلال عملية طويلة تقوم على الانهاك والاحتواء، وليس بالحرب، وإن كان خياره ما زال محتملاً، مما يعني أن الأزمة حسب تخطيط أميركا ستطول. وهذا ما يجعل أميركا تسكت على عملائها في مصر والسعودية وسوريا فيما قاموا ويقومون به من اجتماعات لأجل العمل لانهاء الأزمة سلمياً لا عسكرياً.□
1990-10-08