شعر: محمود عويضة
خَبُرْتُ على الأيام فنَّ التعامل
|
|
فلم ألْفِ خيراً من دوام التغافُلِ
|
رأيتُ عمومَ الناسِ في السوءِ أوغلوا
|
|
فاجهدتُ نفسي في اختيار الأفاضِلِ
|
إذا اخترتَ فاختر دائماً عن رويةٍ
|
|
فرافضُهمْ خيرٌ من المتساهِل
|
صديقُك غُضَّ الطّرْفَ عن هَفَواتِه
|
|
لعلك تلقاهُ زمانَ النَّوازِل
|
وعاتبْ قليلاً بعد طولِ مساءةٍ
|
|
فإن لم يُفدْ فاقطْع حبالَ التّواصل
|
صديقَك من أرخى عليك جناحَه
|
|
ولم يبغِ منك الخيرَ دون مقابل
|
ولستُ أرى حُسنَ المظِنَّةِ مانعاً
|
|
تدبُّرَ أسبابٍ وسِبْرَ وسائِل
|
وإن كنت تهوى فاقتصدْ في محبّةٍ
|
|
ولا تَرِمْ مَن تَقْلي بكلِّ الرذائل
|
لعلك تَقْلي من تحبُّ، وتجتبي
|
|
بغيضَك فالثباتُ ليس بماثل
|
وإن كنتَ ميسوراً فمُدَّ يدَ النّدى
|
|
فتفتحَ أبوابَ الورى بالأنامل
|
وإن كنت ذا عُسرٍ فعلمُك فاتحٌ
|
|
قليلاً وإلا فانغلاقُ المداخل
|
وإن كنت تسعى كي تنال رضاهُمُ
|
|
فحيلُك مقطوعٌ ولستَ بواصِلِ
|
ولا تجعلِ الواشي يُتِمُّ كلامَهُ
|
|
ولا تَسمعنْ يوماً مَقولَة ناقلِ
|
وكنْ حَذِراً من ساقط الأصل إنّه
|
|
سَيُصْدِرُ يوماً عن وضيعِ الشمائل
|
ومَن كان ذا حقٍّ فليس بآمنٍ
|
|
على حقّ إذ دونه صَوْلُ باطل
|
ولم أر كالمعروف مهما سترتَهُ
|
|
تَبدَّى ولم يَحْفِلْ بسُتْرَةِ باذلِ
|
إذا نُؤْتَ مِن بلوى فغيرُك مبتلىً
|
|
بأكبرَ منها فاصطبرْ لا للبلابل
|
ولا تشكُوَنْ إلا لربِّك كُربةً
|
|
وإلا تكن مثل النّساء الأرامل
|
يُسارُ إلى الغايات دون تعجُّلٍ
|
|
إذا عزّ قطعُ البيد جيءَ ببازل
|
إذا كنت ترجوا الفضلَ فاطلبْ وداده
|
|
بحلمٍ على العادي وهَجْرِ التطاول
|
وما طلبَ اللّذاتِ من كان راجياً
|
|
بلوغَ الذُّرى يوماً وحَمْلَ المشاعلِ
|
إذا شئت حُسَن الذكر دون مَلاَمةٍ
|
|
فأدّ حقوق الناسِ دون تكاسل
|
ومن كان في صحبٍ فلم ينصحوا لهُ
|
|
فَتَرْكُهُمُ حتمٌ على كلِّ عاقل
|
ومن لم يكنْ ذا أهبةٍ كلَّ لحطةٍ
|
|
لكلِّ احتمالٍ كان صيدَ الحبائل
|
وصانِعْ إذا حِفْتَ الرّدى من ذوي الرّدى
|
|
وجاهرْ إذا كان الأذى غيرَ قاتل
|
ولا تطلبنَّ المزحَ إلا أقلَّهُ
|
|
فلا يُكثر الطبّاخُ ذَرَّ التوابل
|
ولستَ تريدُ الخيرَ أنْ تَهَبَ الجدا
|
|
أمامَ الورى تبغي رياءَ المحافل
|
وما المدحُ إلا اثنان: للمرءِ واحدٌ
|
|
فإما مدِيحُ الذاتِ أو مَدحُ قائل
|
وكلُّ طريقٍ مستقيمٍ وإنْ بدا
|
|
طويلاً قصيرٌ ثم بادي المراحل
|
وليس لموفو الحِجى غيرُ شدةِ الحياِةِ
|
|
ولا يلهو بها غيرُ جاهل
|
وما كلّ ما تسعى إليه تنالُهُ
|
|
جميعاً لذا فاطلبْ كبيرَ المسائل
|
ومَن يركب السَّهل الأمينَ فإنّه
|
|
يحصّلُ في دنياهُ دنيا المنازل
|
إذا كنت إن أعطيتَ ساءَكَ فقدُهُ
|
|
فلا تُعطِ إنَّ البذلَ غيرُ التباذل
|
ومن يُعطَ حُسنَ القولِ يَقْصُرْ لسانُه
|
|
وذو العِيّ مدَّادُ اللّسانِ كباقِلِ
|
وإن كنت تبغي نيلَ حقٍّ مضيَّعٍ
|
|
لدى ظالم فاسلكْ سبيلَ التحايل
|
ومن كان ذا تقوى يكنْ ذا فراسةٍ
|
|
لعينيه نورٌ كاشفٌ للمَجَاهِل
|
إذا شئت عِرفانَ الفتى سَلْهُ حاجةً
|
|
تُشاغِلُه عما به من تشاغُلِ
|
ولا تقعَنْ في مأزقٍ ثم تطلبَنْ
|
|
خلاصاً وحاذرْ من غبار المشاكل
|
ودأبُ الفتى علمٌ وكسبٌ وطاعةٌ
|
|
وما اللْهُو إلاّ مِثْلُ وقْفِ الفواصل
|
وفي كلّ يومٍ خذْ لنفسِكَ فترةً
|
|
تراجعْ فيها ما مضى مِن فَعائِل
|
ومن كان يبغي الجاه فالعمْ بأنه
|
|
يريدُك جسراً أو مطيةَ واصلِ
|
حلفتُ فلم أحْنَثْ بأنّ خلاصةَ
|
|
التجارِب علمُ الشيء علم البدائل
|