فيما يلي قسم من رسالة وجهها السد محمد حسن الأمين ـ من صيدا ـ لبنان إلى السيد علي خامنئي مرشد الثورة في إيران. وقد وجهها كرسالة مفتوحة في 10 رجب 1411 هـ. يقول: بسم الله الرحمن الرحيم سماحة آية الله السيد علي خامنئي مرشد الثورة الإسلامية حفظه الله.
نحن في ذهول حقيقي يا سماحة المرشد القائد ولا نريد أن نصدق أن أميركا نجحت من خلال الحرب العراقية الإيرانية أن تعيد الجمهورية الإسلامية إلى (صوابها).. أي أن تصادر الروح العظيمة لهذه الثورة وتحولها إلى مجرد دولة في المنطقة تبحث عن موقع لها في العصر الأميركي الزاحف… لا نريد أن نصدق أن الجمهورية الإسلامية غير معنية بهول ما يجري… وأنها لا تعتبر نفسها وعقيدتها ومبادئها الهدف الأول والأساس لهذا الغزو الاستعماري الصليبي الأميركي الغربي المتحالف مع الرجعية العربية والإسلامية.
لا نريد أن نصدق ما نسمع ـ ويا لهول ما نسمع ـ أن الجمهورية الإسلامية ستلتزم موقف (الحياد) من هذه الحرب…
أحقاً توجد مساحة للحياد في حرب الشيطان الأكبر على المسلمين أرضاً وشعوباً وثروات؟!!
وهل حقاً يوجد (حياد) في معركة تكون أميركا المجرمة طرفاً فيها…؟
لقد عودتنا الثورة الإسلامية أن نقرأ نصوص الإسلام كلها في ضوء معايير الصراع مع الباطل.. وعلمتنا أدبياتها أن المسلم لا يعتزل جبهة القتال في سبيل الحق وأنه إذا فعل ذلك فلا فرق بين أن يكون في محراب الصلاة أو على مائدة الخمر.
وعلمتنا الثورة أن الوسطية التي قررها النص القرآني الشريف: ]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا[ لا تعني بأي حال من الأحوال الجنوح إلى خانة اللاموقف واللامسؤولية والحياد… بل تعني أن موقع المسلم الطبيعي يكون دائماً في وسط (أي في لب) الصراع على جبهة الحق والخير والحرية أمام شرور نفسه وأمام شرور أعدائه.
لا نريد أن نصدق أن الغزو الصليبي الكافر دخل في قدس أقداسنا وأن اليهود دخلوا المدينة المنورة وأقاموا شعائرهم وصلوات الثأر والذهول التاريخي ضد الإسلام على مقربة من قبر الرسول الأعظم r الذي قال: «اخرجوا اليهود من جزيرة العرب…» كل ذلك والجمهورية الإسلامية ما تزال تمسك بالحياد موقفاً.
نحن في ذهول عظيم وقلق لا يحتمل أمام آلاف الأطنان من البارود والذخائر والحمم يقذفها شذاذ الآفاق المجرمون أعداء الله والإنسانية فوق رؤوس المسلمين الصابرين المجاهدين في العراق الحبيب وقيادة المسلمين ما زالت تتحصن بالحكمة..!! والروية..!! وموقف (الحياد)!!
بلى لا نستطيع أن نصدق ـ لأن من الفجيعة أن نصدق ـ أن الجمهورية الإسلامية ما لم تتعرض المقامات المقدسة في النجف وكربلاء والكاظميين وسامراء فإنها لا تعبر نفسها معنية بالرد..!!
فمتى علمتنا ثورتكم أن الحجر أقدس من البشر؟!!
وهل نسيت الثورة أنها هي التي (ورطتنا) بالمعرفة أن الكعبة المشرفة والنجف وكربلاء وسائر الأماكن المقدسة تستقيل من قداستها ولا تعود سوى مجرد نصب وأحجار إذا انتهك الإنسان باسمها.. وأن حرمة المسلم عند الله أغلى من كل المقدسات..!؟
هل نسيت ذلك؟! وهل نسيت أن أعظم نظرية أدخلها فكر الثورة الإسلامية إلى وعينا هي: أن بإمكاننا أن نضع كلمة (الناس) محل كلمة (الله) في كثير من النصوص دون أن يتغير معناها.. وضربت مثلاً على ذلك الآية القرآنية الكريمة: ]مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا[ أي من يقرض (الناس).
كلمات كثيرة.. ومواقف وتصريحات لقادة الثورة والجمهورية تصلنا عبر الأثير لا نريد أن نصدق صدورها.
أتريدوننا أن نصدق أن طريق القدس ـ وقد وافقناكم ذات يوم أنها تمر عبر النجف وكربلاء ـ هي اليوم مفتوحة على مصراعيها ولكن جيش الجمهورية الإسلامية يتردد في ولوجها..؟!!
وأخيراً ـ وليس آخراً ـ أتريدوننا أن نقف حائرين نداري خجلنا وحيرتنا وانحباس الغضب في صدورنا أمام من يغمزون من قناة الثورة الإسلامية بقولهم: أن الجمهورية الإسلامية تؤثر السلامة وهي تريد أن تجمع بين امتيازين: السلامة من المعركة.. والاستمرار في الاحتفاظ بموقعها القيادي للمسلمين والأحرار في العالم..!!¨