ما مواصفات الطائفة الظاهرة؟ وما عملها؟
2013/07/29م
المقالات
4,054 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
ما مواصفات الطائفة الظاهرة؟ وما عملها؟
لقد وردت العديد من الأحاديث المتعلقة بالطائفة الظاهرة، نذكر منها ما يلي :
1- روى البخاري ومسلم وأحمد عن معاوية قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك» قال عمير: فقال مالك بن يُخامِر قال معاذ: وهم بالشام، فقال معاوية، هذا مالك يزعم أنه سمع معاذاً يقول: وهم بالشام .
2- روى أحمد والطبراني بسند رجاله ثقات عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأْواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك» قالوا: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: «ببيت المقدس، وأكناف بيت المقدس».
3- روى أحمد وأبو داود عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل». وفي رواية أخرى لأحمد ومسلم والترمذي عنه بلفظ: «لا يضرّهم من خذلهم».
4- روى مسلم والبخاري عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس».
5- روى ابن ماجة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال طائفة من أمتي قَوّامةً على أمر الله لا يضرها من خالفها».
6- روى الحاكم بسند صحيح عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم السّاعة»
7- روى البزار بسند جيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال هذا الأمر أو على هذا الأمر عصابة من أمتي لا يضرهم خلاف من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله».
8- روى الدارمي عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال قوم من أمتي ظاهرين على الناس حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون»
فقوله عليه الصلاة والسلام : طائفة، وأمة، وعصابة، وقوم، يدّل على حزب. وقوله صلى الله عليه وسلم: قائمة ، قوّامة على أمر الله، يشير إلى قيام الحزب وتمسكه بالإسلام وقوامته على فكر المجتمع وحسِّه. وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، يدّل على خذلان الخاذلين له، وخلاف المخالفين له، وأن الحق مع الحزب وليس مع هؤلاء، وأن الخذلان والخلاف لا تلحق الضرر بالحزب. وقوله عليه الصلاة والسلام: لا يزال، ولا تزال، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، يدل على استمرارية الحزب في سيره وعدم توقفه، كما يدل على ذلك قوله في حديث الحاكم: حتى تقوم الساعة. وقوله صلى الله عليه وسلم: على الدين ظاهرين، على الحق ظاهرين، يدل على تمسك الطائفة أو الحزب بالدين والحق وعدم حيده عنه، وأن ذلك ظاهر معلن على الناس. وقوله عليه الصلاة والسلام: إلا ما أصابهم من لأْواء، يدل على ما يصيب أعضاء هذه الطائفة أو الحزب من عنت بسبب شظف العيش، والضيق في الرزق. وأخيراً يدل قوله صلى الله عليه وسلم: وهم بالشام، ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ، على مكان نشأة الحزب هذا.
هذه هي أوصاف الطائفة أو الحزب، وهذا هو مكان نشأته، ولم تقف الأحاديث النبوية الشريفة عند ذكر هذه الأوصاف، بل تعدتها إلى ذكر أوصاف أخرى تدل على قيام الدولة على يد هذه الطائفة أو الحزب، فقد :
1- روى مسلم وأبو داود وابن ماجة وأحمد عن جابر قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ، قال فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم تعال صلّ لنا فيقول لا ، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمةَ الله هذه الأمة».
2- وروى مسلم عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله ضلى الله عليه وسلم يقول: «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم السّاعة وهم على ذلك»
3- وروى أحمد عن سلمة بن نفيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جاء القتال، لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الناس يرفع الله قلوب أقوام فيقاتلونهم ويرزقهم الله منهم حتى يأتي أمر الله عز وجل وهم على ذلك، ألا إن عقر دار المؤمنين الشام، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة»
فقوله صلى الله عليه وسلم: يقاتلون على الحق، يقاتلون على أمر الله، جاء القتال…فيقاتلونهم ويرزقهم الله منهم ، يدل دلالة صحيحة على أن هذه الطائفة سيكون لها دولة تعلن الجهاد والقتال وتنتصر على الأعداء، وهذه الغاية إعادة الخلافة الراشدة.
بقيت صفة أخيرة تنطبق على هذه الطائفة الظاهرة على الدين القائمة على أمر الله ، وهي صفة الغربة والاغتراب في مجتمع سيئ تكثر فيه المعاصي وينتشر فيه الفساد كما هو حال المجتمع في العالم الإسلامي حالياً، وتقوم هذه الطائفة الغريبة عن المجتمع في حال غربة الإسلام وغروبه بإصلاح فساد الأفكار التي يدّعي أصحابها أنها إسلامية، وما هي بإسلامية ، بل هي أفكار كفر تسربت إلى المسلمين عبر الغزو الثقافي الغربي كفكرة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحريات وأمثالها ، هذه الصفة أيضاً وردت في الحديث النبوي الشريف ، فقد روى مسلم وأحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء» وروى أحمد والبزار وأبو يعلى بسند رجاله رجال الصحيح عن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الإيمان بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى يومئذ للغرباء إذا فسد الناس». وفي رواية لأحمد من طريق عبد الرحمن بن سنة بلفظ: «بدأ الإسلام غريباً ثم يعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء، قيل يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال الذين يصلحون إذا فسد الناس»
فقد وصفت هذه الأحاديث الثلاثة المجتمع أو الناس بالفساد، ووصفت الإسلام بالغربة والاغتراب، ووصفت المتمسكين بالدين بأنهم غرباء وبأنهم صالحون، ولكن هذه الأوصاف لا تكفي للدلالة الواضحة على هذه الطائفة التي أشرنا إليها، إذ قد يتمسك بأحكام الشرع شخص أو بضعة أشخاص في زمن الفساد، فيطلق عليه أو عليهم صفة الغربة، وصفة الصلاح، فكيف يصح القول إنّ الغرباء هم هذه الطائفة؟ والجواب على ذلك هو فيما رواه الترمذي وحسّنه عن عمرو بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدين بدأ غريباً ويرجع غريباً، فطوبى للغرباء الذين يُصلحون ما أفسد الناسُ من بعدي من سنتي». فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على نفي الغربة عن مجرد ناسٍ متمسكين بأحكام الشرع في زمن الفساد إلا أن يكونوا عاملين على إصلاح ما أفسد الناس من الأفكار والأحكام الشرعية. والمعلوم بداهة أن شخصاً أو بضعة أشخاص متناثرين هنا وهناك لا يقدرون على إصلاح ما فسد في المجتمع إلا أن يكونوا طائفة أي حزباً يتولى هذه المهمة الصعبة، فلكي ينطبق على المسلم ما جاء في هذه الأحاديث الأربعة يجب أن يكون ضمن طائفة أو حزب يعمل على إصلاح فساد الأفكار والأحكام في المجتمع، وبدون الطائفة أو الحزب فإنه لا يستطيع فعل ذلك قطعاً، فوجب صرف الثناء الوارد في هذه الأحاديث إلى كل مسلم ينتمي إلى الطائفة أو الحزب الذي يتولى مهمة إصلاح الفساد في المجتمع .
وحيث إن الأحاديث قد نوهت بالطائفة أو العصابة الظاهرة على الدين القائمة على أمر الله، وأنها ستقيم دولة تقاتل الكفار، فإن وصف الغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنة محمد صلى الله عليه وسلم – والسنة هنا تعني الشريعة، أي الدين – ينبغي أن يصرف إلى أعضاء هذه الطائفة أو الحزب، الذي واقِعُ أعضائه أنهم فعلاً غرباء في المجتمع المعاصر، وعلى ذلك فإن الغرباء الذين لهم طوبى هم أعضاء الطائفة أو الحزب الذي نوهنا به، والذي جاء ذكره في العديد من الأحاديث.
2013-07-29