ترى هل يُعذر بعض الأفراد، أو بعض الجماعات من الأمة إن تصرفوا بسذاجة وسطحية وهم على مشارف القرن الحادي والعشرين؟ خصوصاً وأن الأمة مرت بظروف عسكرية وسياسية زلزلت العالم الإسلامي، إضافة إلى أن وسائل اختصار المسافة والزمن وصلت إلى كل بيت والتي تيسرّ نقل الأفكار والعلوم والمواقف الدولية والصراع الدولي. فهل يُعذر هؤلاء بتظاهرهم بالسذاجة؟
في فرنسا الآن صراع بين «الحركيين الفرنسيين» والسلطات الفرنسية حول حقوقهم المهضومة ومنها أن السلطات تعاملهم كمواطنين من الدرجة العاشرة. وهؤلاء الحركيون هم أبناء المسلمين الجزائريين الذين حاربوا مع المستعمر الفرنسي أيام الثورة الجزائرية ضد أبناء أمتهم من مسلمي الجزائر، وحينما رحل المستعمر الفرنسي رحلوا معه خوفاً من انتقام المسلمين منهم، وهم يعدّون مئات الآلاف. ماذا نقول لهم الآن؟ هل نقول لهم (صح النوم)؟ أم نقول ]وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ[، وهل كنتم تتوقعون من عدو أمتكم الذي خدمتموه أن ينصفكم؟
وفي شمال العراق الآن مشكلة من هذا النوع. الأكراد هناك نحروا الذبائح لشفاء بوش وتظاهروا احتجاجاً على انسحاب الكافر المستعمر من أرضهم، وأطلقوا اسم زوجة ميتران على مواليدهم من الإناث، وهم يتجاهلون أن أميركا هي التي مكّنت صدام من سحقهم وتشريدهم، وعادت تذرف الدموع على تهجيرهم ونصبت لهم الخيام وجلبت لهم المؤن إمعاناً منها في تضليل الرأي العام، ولتحقيق المزيد من الضغط على صدام.
إلى متى يبقى البعض من أبناء أمتنا في صف الخيانة الواضحة، وفي صف الكفار أعداء أمتهم متظاهرين بالسذاجة؟ وإلى متى يبقى البعض ثائراً هادراً دفاعاً عن العشيرة وخانعاً مستذلاً إذا تعرضت الأمة للذبح ولتداعي الأمم عليها؟ إن تحرك المسلمين الأكراد في العراق هو تحرك عشائري قومي تغذّيه أميركا وفرنسا، فهل يتّعظ هؤلاء ويتمسّكون بالاتساق الدائم بأمتهم الإسلامية والوقوف ضد كل محاولات سلخهم عن الجسد الإسلامي؟.