الأرض ـ السلام ـ التدمير؟
1991/11/06م
المقالات
1,723 زيارة
إعداد: محمد أبو وائل
حكام العرب وقادة الفلسطينيين اتخذوا من شعار: (كلما تأخرنا في مصالحة إسرائيل كلّما استولت على مزيد من الأرض)، اتخذوا منه مبرراً للذهاب إلى الاعتراف والصلح. وها هم ذهبوا فهل وقف الاستيلاء على الأرضن وهل وقف بناء المستوطنات؟
الآن يقول عرفات (والملك حسين): «إذا لم يتوقف بناء المستوطنات في الضفة والقطاع فسننسحب من المؤتمر»! وهل هذا كلام؟ إذا كان رئيس الوفد الفلسطيني (حيدر عبد الشافي) يقول: «بأن إيقاف المستوطنات ليس شرطاً بل هو عامل مساعد»، وإذا كان بيكر رفض أن يعطي فيصل الحسيني مثل هذا التعهد ورفض الربط بين بناء المستوطنات وحضور المؤتمر، وإذا كان قادة إسرائيل يعلنون ليل نهار بأنه: لا انسحاب من شبر ولا وقف للاسكان في أي مكان من (يهود أو السامرة). وأنتم قررتم الذهاب على هذا الأساس، فما معنى التهديد بالانسحاب من المؤتمر؟ إن شامير هو الذي من مصلحته الانسحاب من المؤتمر بعد أن يكون قد انعقد وقطف منه جلسات الافتتاح كل الثمار التي تحتاج إليها إسرائيل.
قرار 242 ينص على انسحاب إسرائيل (من أرض محتلة)، وشامير يقول بأن إسرائيل انسحبت من سيناء ومن القنيطرة في الجولان (أي 90% من الأرض التي احتلتها)، فقد أعطت أرضاً مقابل السلام، وما تبقَّى يكون سلاماً مقابل سلام. وأميركا لا تلزم إسرائيل بتفسير آخر.
ولنعد إلى شعار الحكام والقادة: (التأخر في مصالحة إسرائيل يتيح لها الاستيلاء على بقية الأرض)، حتى أنهم جعلوا من يرفض الصلح خائناً. سبحان الله كيف يدجّلون ويتواقحون. عام 88 تنازلوا عن فلسطين المحتلة قبل 67 وسمّوْا ذلك: إقامة دولة فلسطين. والآن هم يقولون بأن إسرائيل استولت على 65% من أرض الضفة والقطاع حتى الآن، وإذا استمر الحال دون مفاوضة فإنها ستستولي على ما تبقى، ولا يبقى غداً أرض نتفاوض عليها!
وهذا يعني أن الذين ذهبوا للتفاوض سيفاوضون فقط على الـ 35% الباقية ولن يفاوضوا على الـ 65% التي تم الاستيلاء عليها. وهم بطبيعة الحال لن يفاوضوا على ما قبل 67 لأنهم تنازلوا عنه عام 88. فإذا كانت هذه هي العقلية والنفسية التي يذهبون بها، فهنيئاً لكم يا أهل فلسطين بهؤلاء القادة وهؤلاء المفاوضين، وأبشروا بعودة الأرض!
أميركا وعدت إسرائيل بعشرة مليارات دولار منها وبعشرة مليارات أخرى من دول الجماعة الأوروبية خلال خمس سنوات. ومن أجل الحصول على هذه المليارات العشرين قد تتوقف إسرائيل عن بناء المستوطنات في الضفة والقطاع والجولان لمدة خمس سنوات كعمل تكتيكي دون أي التزام أو تعهد، وذلك من أجل أن تري أميركا الفلسطينيين والعرب أن المؤتمر أعطى العرب ثماراً. وبعد أن تأكل إسرائيل الطعم تعود لاستئناف الاستيلاء على الأرض (بموافقة أميركا).
والذي يلفت النظر أن حكام إسرائيل مازالوا يتحدثون عن أن العرب سيدمرون إسرائيل، والمقابلات التلفزيونية والصحفية تطرح الأسئلة على حكام العرب: هل ما زلتم تحبذون في قرارا أنفسكم تدمير دولة إسرائيل؟ وتفسير ذلك هو أن اليهود يريدون استدرار عطف العالم عن طريق التظاهر بالمسكنة. ولكن هذا الطرح يكشف في الوقت نفسه عن هاجس مرعب يعتمل في نفوس اليهود وهو تدمير دولتهم وتدمير شعبهم. ولذلك يسرّبون أنهم يملكون الرؤوس النووية والأسلحة الكيمياوية وغيرها، كل ذلك لردع المسلمين عن التفكير في تدميرهم. أنهم لم يثقوا حتى الآن بقدرتهم على البقاء، ذلك لأن الشعوب الإسلامية (من عرب وغيرها) تحمل القناعة العميقة أن اليهود عدو وسيبقون عدواً خبيثاً ولو صالحهم الحكام. وهذه الشعوب الإسلامية عندها عقيدة بأن نهاية اليهود ستكون في فلسطين على أيدي المسلمين.
فهل يكون مؤتمر مدريد بداية لقلب الطاولة على رؤوس المتفاوضين، وبداية لنهاية الغطرسة اليهودية؟ اللهم هيءْ لنا ما هو خير□
1991-11-06