الثورة الصناعية: سبيلها وأحكامها
1989/09/06م
المقالات
2,298 زيارة
إن من يراقب مجرى الأحداث والتقلبات القائمة في بلادنا يحس بما تقوم به الدول الغربية من أنواع الخداع والتضليل لصرفنا عن صناعة الآلات، والحيلولة بيننا وبين أن تصبح بلادنا بلاداً صناعية. فقد صدرت كتب في الاقتصاد خاصة للشرق الأوسط عن التنمية الاقتصادية صيغت بشكل يوجد رأياً عاماً عند الناس والمسؤولين بأنه لا بد من السير في مراحل عدة حتى يصلوا إلى مرحلة التقدم الصناعي وهذا ما تقدمه كتيبات الأمم المتحدة والبنك الدولي المعتمدة من قبل الدول والحكومات، وعلى أساسها لا يُسمح بإعطاء القروض ـ ثنائية كانت أو عبر البنك الدولي والهيئات الدولية ـ للمشاريع الصناعية الثقيلة.
وتوحي هذه الكتب بأن المجتمع لا بد أن يمر بمرحلة المجتمع التقليدي ثم مرحلة الانطلاق ثم مرحلة النضوج ثم مرحلة الاستهلاك الشعبي العالي. وكل مرحلة من هذه المراحل لها شروط تؤهل لها ولا بد أن تمر بزمن، وعليه لا بد من المرور بمراحل، وهذا يعني صرف الناس عن الثورة الصناعية. والحقيقة أنه لا علاج إلا بالثورة الصناعية. والثورة الصناعية هي تسلم زمام رأس الصناعة ومنبعها وهي صناعة الآلات، وذلك بعملية انقلابية في السياسة الصناعية، وهي عدم التلهي بأي صانعة بل بأي عمل اقتصادي قبل تسلم زمام رأس الصناعة، وجعل الجهود كلها موجهة لإيجاد صناعة الآلات، فلا يقام بأي شيء سوى الضروريات وسوى ما لا بد منه لإيجاد صناعة الآلات.
ولصناعة الآلات في البلاد عدة أسباب تدعو للتعجيل بإيجادها، منها تعطش الشرق الأوسط للمصانع والآلات حيث يشكل سوقاً رابة لهذه الصناعة، كذلك فإن استيراد الآلات والمصانع يكلف نفقات طائلة إذ تباع لبلادنا بأثمان غالية. ويزيد من الأعباء تكاليف الصيانة وشراء قطع الغيار وتكاليف التعطيل، ولكن إذا أوجدنا نحن مصانع الآلات ـ علماً بأن النفط متوفر بأرخص مما نشتريها من أوروبا وأميركا، إلا أننا لا ننادي بضرورة صناعة الآلات لهذه الأسباب وإنما لتحقيق سياسة اقتصادية معينة هي جعل بلادنا بلاداً صناعية سواءً انتج هذا ربحاً أم خسارة، وسواء وجدت لها أسواق في الخارج أم لم توجد، فالدافع بإيجادها صناعة الآلات هو تحقيق هذه السياسة. والهدف من تحقيق هذه السياسة هو ما تتجه إليه البلاد الإسلامية كلها وهو التخلص من طريقة العيش ـ أكانت رأسمالية مرقعة أو اشتراكية مرقعة ـ التي بلغ التذمر منها حداً قد يقرب من الانفجار. فالمسلمون اليوم في شعور بضرورة فصلهم عن الغرب حتى لو لم ينتظر منه حرب أو حصار، فكيف وعداوته للمسلمين تمتد جذورها عبر القرون إلى أعماق الأعماق، فضلاً عن الطمع الذي يصل إلى حد الشره في خيرات هذه البلاد وفي بسط النفوذ على المسلمين.
وهنا يرد السؤال، ماذا تقضي الأحكام الشرعية فيما نطرحه من ثورة صناعية…؟ إنه وإن كانت زيادة الثروة بإيجاد المشاريع الاقتصادية غير متعلقة بوجهة النظر في الحياة وإنما هي مبينة على المعلومات وهي عالمية إلا أن وجهة النظر في الحياة تؤثر على اتجاه السير في إنشاء تلك المشاريع. ففي البلاد الرأسمالية مثل أميركا، تقوم مشاريع الإنتاج على كاهل الأفراد والشركات وليس على كاهل الدولة، أما في البلاد الاشتراكية ومنها الشيوعية مثل روسيا فإن مشاريع الإنتاج تقوم على كاهل الدولة وحدها وليس على كاهل الأفراد، بل لا يسمح للأفراد بالقيام بها. وفي البلاد الإسلامية إذا اتَّخَذَتْ سياسة الاقتصاد في الإسلام سياستها الاقتصادية لا بد أن تتأثر مشاريع الإنتاج من حيث إنشاؤها بوجهة النظر الإسلامية في الحياة. ففي المشاريع الاقتصادية تقضي الأحكام الشرعية المتعلقة بالمصانع بأن تقوم المصانع التي تصنع ما هو داخل في الملكية العامة على كاهل الدولة ولا يصح أن تكون على كاهل الأفراد. وأما المصانع التي لا تدخل في الملكية العامة فإنها تكون، على كاهل الأفراد ولكن يجوز للدولة أن تقوم بها. وعلى ذلك لا يرد ما يقوله البعض: يجب أن يغلب القطاع العام على القطاع الخاص في الإنتاج، أو ما يقوله الآخرون بأنه يجب إعطاء المجال للقطاع الخاص أو ما شاكل ذلك، نعم لا يرد مثل هذا مطلقاً لأن أحكام الشرع حددت ما هو على كاهل الدولة وما هو على كاهل الأفراد من مشاريع الإنتاج وما يمنع الأفراد أن يكون على كاهلهم وما يجوز للدولة أن يكون على كاهلها. فقضية ما يجب أن يكون من القطاع العام وما يجب أن يكون من القطاع الخاص مبتوت فيها شرعاً، وإنما يرد في المصانع التي ليست من الملكية العامة، فإنها يجوز أن تكون من القطاع العام ولكن الأصل فيها أن تكون من القطاع الخاص. ففي هذه الحالة وحدها يأتي الاجتهاد: هل تبقى على أصلها أم يجوز أن تقوم الدولة بما ترى أن قيامها به هو من مصلحة البلاد. وعلى ذلك يجب أن يكون القيام بمشاريع الإنتاج سائراً أيضاً من حيث إنشاؤها حسب الأحكام الشرعية رغم أنه في إقامته عالمي. فهو في روسيا كما هو في أميركا سواء بسواء من الناحية الفنية والعلمية ولكنها تختلف من حيث الإنشاء أي من حيث الملكية، وكذلك يجب أن تكون الحال في بلاد الإسلام. أما الطريقة لتمويل المشاريع الإنتاجية فهي أن ينظر في هذه المشاريع هل هي مما يحصل للأمة ضرر من جراء عدم القيام بها أم لا؟ فإن كانت مما لا يحصل للامة ضرر من عدم القيام بها، فإنه يبحث إذا كان هناك مال في بيت المال فاضل عن الحاجات الضرورية. فإن وجد ينفق عليها منه، وإن لم يوجد تؤجل هذه المشاريع إلى أن يوجد في بيت المال مال. أما إذا كان عدم القيام بهذه المشاريع الإنتاجية يوقع الضرر بالأمة كما هي الحال الآن في بلاد الإسلام، فإن عدم وجود مصانع الآلات لدى المسلمين يجعل البلاد الإسلامية متعمدة في صناعتها وفي تسلحها على الدول الكافرة، ويجعلها مربوطة بها وهذا ضرر من أفظع الأضرار. ولذلك فإن إيجاد مصانع الآلات صار فرضاً على المسلمين، لأن الشرر لا يُزَال عن المسلمين إلا بإقامتها، وإزالة الضرر فرض على الدولة وفرض على الأمة. فيجب على الدولة أن تقوم بإيجاد هذه المصانع سواء وجد لديها مال أو لم يوجد، فإن وجد لديها مال في بيت المال وجب أن تصرف منه على إقامة هذه المشاريع، وإن لم يوجد لديها فَرَضت ضرائب على المسلمين بقدر يكفي لإقامة هذه المشاريع على الوجه الذي يزيل الضرر. ولهذا فإن الطريقة لتمويل المشاريع الإنتاجية هي أن تنظر الدولة إلى ما يلزم الأمة من مصانع الآلات، ثم تقوم بدارسة هذه المشاريع لمعرفة تكاليفها، ثم تفرض ضرائب على الأمة من أجل القيام بهذه المشاريع وتجمعها منها جبراً، وبمقادير كافية لإحداث ثورة صناعية.
ما يجب أن يكون من القطاع العام وما يجب أن يكون من القطاع الخاص مبتوت فيه شرعاً.
هذا وقد وضحت الأحكام الشرعية، أمكننا رسم السياسة الصناعية المؤدية إلى الثورة الصناعية. فالسياسة الصناعية تقوم على جعل البلاد من البلاد الصناعية، ويسلك إلى ذلك طريق واحد هو إيجاد صناعة الآلات أولاً، ومنها توجد باقي الصناعات. أي أن يباشر أولاً وقبل كل شيء بإيجاد المصانع التي تصنع الآلات من محركات وخلافها، ثم بعد توفر الآلات من صناعة البلاد تؤخذ هذه الآلات وتصنع منها باقي المصانع. ولا يُوجد طريق آخر لجعل البلاد بلاداً صناعية إلا بالبدء بصناعة الآلات أولاً وقبل كل شيء، وعدم القيام بإيجاد أي مصنع إلا من الآلات المصنوعة في البلاد. وهنا قد يساور البعض الارتياب والشك في هذه السياسة، خاصةً من كان الاقتصاد من اهتماماته ودراسته. أما القول بأن إيجاد صناعة الآلات يحتاج غلو وقت طويل فلا بد أن نبدأ بصناعة الحاجات الأساسية، فهو وكما أسلفنا قول هراء، وهو دسيسة يراد منها تعويق صناعة الآلات وصرف البلاد إلى الصناعات الاستهلاكية حتى تظل سوقاً لمصانع أوروبا وأميركا. كما أن الواقع يكذب هذا القول، فإن روسيا القيصرية حين خرجت من الحرب العالمية الأولى كانت عالة على أوروبا، ولم تكن قد نشأت لديها صناعة الآلات، حتى أنه ينقل عن لينين بأنه قد طلب منه تحسين الإنتاج الصناعي بإحضار آلات حراثة (تراكتورات) للسير في الزراعة بالآلات الحديثة فأجاب: لن نستعمل التراكتورات حتى ننتجها نحن وحينئذ نستعملها. وفي مدة ليست بالطويلة وجدت صناعة الآلات في روسيا، وها هي اليوم من الدول الرائدة صناعياً. وأما القول بأن صناعة الآلات تحتاج إلى إيجاد وسط صناعي من مهندسين وعمال وفنيين وما شاكل ذلك، وهو قول يقصد به أيضاً المغالطة والتدليس، فالآلاف من أبناء المسلمين يشغلون مراكز هامة في الصناعات المتقدمة في العالم وفي أميركا بشكل خاص وهم محترقون لخدمة أمتهم إذا ما فتحت لهم الأبواب وأعطي لهم ما يحتاجونه من معدات وتسهيلات. وهنا لا نطالب بنقل التكنولوجيا من الغرب أكان بشرائها أو بتهريبها وهذا متوفر، إنما نطالب بتحويل كل الجهود والإمكانات لتسهيل عمليات الأبحاث العملية، إذ الأدمغة والخبرات والخامات الكافية للبدء موجودة، فلنبدأ من الصفر ولنوفر المراجع والمختبرات لعلمائنا، بجزء من ثروات الأمة، التي تهدر على المطارات والطرقات والمنشآت الاستهلاكية وآخرها جسرٌ وَصَلَ الجزيرةَ العربية بالبحرين وكلف مليار دولار أي ما يكفي إن صدقت النوايا لإنشاء أكثر خمسة مصانع من المصانع الإنتاجية الضخمة، فإذا ما أتيحت الفرص لعلمائنا فسيبدعون ويتفوقون على غيرهم من الأمم، وأقول بالتفوق لأنهم وقد وصلوا إلى مراتب النخبة في أرقى جامعات أميركا، كمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وفي مراكز الأبحاث المتقدمة كوكالة الفضاء الأميركية (NASA) ومراكز الأبحاث الحساسة، كأبحاث التسلح والدفاع، وهي في جملتها تخدم الكفار وبلادهم، وليس لهم من دافع إلا الشغف في العلوم والفضول، فكيف إذا أضفنا عاملاً روحياً ألا وهو إرضاء الله وإعزاز دينه وأمته، فَسَيَهُزُّون الدنيا بإذن الله وسَيُدْهِشون ويُدْهَشون من الطاقات الكامنة فيهم والتي لم يحسبوا لها حساباً. هذا عدا عن فائض المهندسين والعمال والفنيين الأوروبيين الذين يمكن استحضار المئات منهم في الحال للبدء، كما أنه يمكن وفي نفس الوقت إرسال المئات بل الآلاف من شبابنا وتوجيههم لتعلم صناعة الهندسة الثقيلة. والقول بأنه لا بد أن نسد احتياجاتنا من الصناعات الضرورية لنا كصناعة المنسوجات وصناعة الورق وصناعة خام الحرير وما شاكل ذلك هو قول باطل يرمي كذلك إلى التخدير والتضليل عن الطريق الصحيح. ولهذا لا يصح أن يلتف إلى أي شيء من الصناعات الاستهلاكية وأن يحصر الاتجاه نحو البدء بإيجاد صناعة الآلات ويكون هذا البدء ثورة صناعية وبشكل انقلابي لا عن طريق التدرج ولا بالانتظار حتى نقطع مسافات في الصناعة أو حتى نقطع مراحل وهمية ترسم لنا للإعاقة عن السير وللحيلولة بيننا وبين الثورة الصناعية. فإن أوروبا حين حصلت فيها الثورة الصناعية إنما حصلت حين وجدت فيها صناعة الآلات. وأن أميركا وقد كانت مستعمرة لعدة دول إنما تقدمت مادياً حين حصلت فيها الثورة الصناعية بصناعة الآلات. وأن روسيا لم تكمل ثورتها الشيوعية ضد القيصرية إلا بعد أن حصلت فيها الثورة الصناعية بصناعة الآلات، وهذه أمثلة محسوسة وبراهين قاطعة ومدحضة.
وهنا قد يرد سؤال آخر وهو: إذا كانت السياسة الصناعية هي جعل البلاد بلاداً صناعية، أي حصر الجهود في أول الأمر بإيجاد صناعة الآلات والانتظار حتى توجد الآلات فتوجد منها باقي الصناعات، فماذا نفعل بما عندنا من صناعات استهلاكية، وماذا نعمل في الصناعات التي تحتم السياسة الاقتصادية أن تكون ملكاً للدولة، كاستخراج النفط مثلاً؟ والجواب على ذلك هو أن البلاد الإسلامية في جملتها ليست بلداً مصنعاً فليس فيها واحدة من الصناعات التي تستقطب الصناعات ذات الحلقات المتصلة، وجل ما في البلاد الإسلامية إجمالاً حتى الآن من الصناعات الحديثة البارزة هي صناعة حديد التسليح الإنشائي والحلج والغزل والنسيج وصناعة السكر والمحفوظات وأمثال ذلك من الصناعات الاستهلاكية، ولذلك لا يرد سؤال ماذا نفعل بها، لأنها ستظل كما هي، ولكن لا نسير فيها شوطاً أكبر ولا ننشئ غيرها، بل يجب التوقف عند حد ما هو موجود وتغيير الطريق تغييراً فجائياً وحصره بالاتجاه لإنشاء صناعة الآلات. ولكن ليس معنى تغيير هو قفل باب الاستيراد، فإن هذا لا يجوز حسب سياسة الاقتصاد في الإسلام، لأن لرعايا الدولة أن يشتروا ما يريدون من داخل البلاد وخارجها، بل معنى تغيير الطريق هو إيجاد مصانع الآلات وجعلها كأرقى ما تكون، وحينئذ يحصل الشراء منها
إن لم يوجد لدى الدولة مال؛ تفرض الضرائب بقدر ما يكفي لإقامة هذه المشاريع على الوجه الذي يزيل الضرر.
ولا يحصل الاستيراد طبيعياً بشكل تجاري من غير حاجة لأن تمنعه الدولة. وأما الصناعات التي تحتم السياسة الاقتصادية ملكية الدولة لها فإنها لا تحتم وجوب ملكيتها ولكنها تمنع الأفراد من ملكيتها، فصناعة استخراج الحديد هي من الصناعات التي تملكها الدولة، ولكن ليس معنى ملكيتها، أن تشتري الدولة مصانع لاستخراج الحديد، بل معناه أن هذه المصانع لا يملكها الأفراد، أما الدولة فتملكها حين تجد إمكانية لملكها، وحسب السياسة الاقتصادية هذه لا تُنْشئ الدولة مصانع مما هو من ملكيتها إلا ما لا بد منه بإيجادها مصانع الآلات. فمثلاً توجد في البلاد منابع نفط، وتوجد فيها مناجم حديد، فإن الاشتغال بها عن إيجاد مصانع الآلات تعويق ومخالف للثورة الصناعية، فيجب أن يُشترى الفحم الحجري والنفط من الغير، وأن يُشترى الحديد الخام من الغير لتوجد مصانع الآلات أولاً، ومنها توجد مصانع استخراج النفط ومصانع استخراج الحديد. غير أن هذا لا يعني أن ما عندنا من مصانع استخراج النفط ومصانع تصفيته ومصانع استخراج غيره من المعادن ومصانع استخراج البوتاس وما شاكل ذلك يجب أن يوقف عن العمل حتى نصنع نحن الآلات، وإنما يعني أن البلد الذي ليس فيه آبار نفط تَسْتَخْرج بالفعل، وآبار النفط التي لم يستخرج منها بعد، والمعادن التي لم تستخرج بالفعل بعد، لا نشتري لها آلات للاستخراج، بل ننتظر إلى أن نصنع نحن الآلات، وحينئذ نقوم باستخراج المعادن وبسائر الصناعات بآلاتنا التي صنعناها نحن. أما البلد الذي فيه آبار نفط تستخرج بالفعل أو فيه معادن تستخرج بالفعل، أو صناعات غير ذلك، فلا بد من الاستمرار فيه في استخراج النفط وسائر المعادن، ولا بد من الاستمرار في جميع الصناعات القائمة بالفعل في البلاد، ولكن دون التوسع في ذلك ودون إنشاء جديد إلى أن نقوم نحن بصناعة الآلات.
إن ما نريد أن نقوله ونلفت أنظار المسلمين إليه وبشكل خاص أنظار من هم في حقل الاقتصاد ومن بيدهم أمر التخطيط الاقتصادي، إن الواقع الذي تعيشه البلاد يحتم عليهم القيام بالثورة الصناعية في الحال، فالانفصال عن الغرب لا يتم ولا يطمئن المرء إليه إلا إذا حصل الاستغناء عن الغرب، وما دمنا في حاجة لاستيراد الآلات والمصانع منه فإنه ستظل لدى الغرب الفرص لإعادة ربطنا به، بل لإعادة نفوذه وسيطرته. لذلك كان القيام بالثورة الصناعية أمراً حتمياً. وهذا يعني المبادرة إلى إقامة صناعة الآلات رأساً وبدون تدريج بل بشكل انقلابي حتى يكون العمل ثورة صناعية صحيحة. (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).
1989-09-06