منظمة التحرير وانتخابات شامير
1989/05/06م
المقالات
2,058 زيارة
حين طرح شامير في أميركا مشروعه لانتخابات الضفة والقطاع كانت ردة فعل المنظمة رفض هذه الانتخابات واعتبرت أنها تكتيك من شامير لإجهاض الانتفاضة وإيقاع الخلافات بين فصائل المنظمة.
ولكن أميركا طلبت من المنظمة أن لا تتسرع في رفض مشروع شامير، فقد اجتمع سفير أميركا في تونس مع ممثل المنظمة هناك يوم 17/04/89 وبلغه رغبة أميركا.
فما كان من المنظمة إلا أن استجابت لهذه الرغبة. فقد أذاع التلفزيون الأميركي في 21/04/89 تصريحاً لعرفات قال فيه: «إن منظمة التحرير لن تقبل الانتخابات المقترحة إلا إذا تمت تحت إشراف غير إسرائيلي» وأضاف: «أنه لن يكون من المتعيّن أن تنتظر الانتخابات انسحاب إسرائيل. وإن الانسحاب يمكن أن يكون الجزء الأخير من مثل هذه الخطة».
وحتى لا يُتهم عرفات بالتفرد في الإقدام على مثل هذه التنازلات الخطيرة جمع زعماء المنظمة في تونس، ودرس وإياهم رغبة أميركا في شأن الانتخابات واستمرت نقاشاتهم ثلاثة أيام، صرح في نهايتها صلاح خلف لوكالة رويتر في 23/04/89: «إن زعماء من كافة الفصائل الفلسطينية اتفقوا على أنه يمكن إجراء مثل هذه الانتخابات حتى قبل انسحاب إسرائيل من المناطق المحتلة» وقال أبو إياد: «كلهم وافقوا: جبهة النضال والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وجبهة التحرير العربية. ولم يتخلف أحد عن هذا الاجتماع».
لقد قبلوا نصيحة أميركا. لقد أصبحت أميركا موضع ثقتهم. وقبل ذلك اعترفوا بإسرائيل وتنازلوا لها عن أرض ما قبل 67 بناء على نصيحة أميركا وذلك دون مقابل إلا أن سفير أميركا في تونس تلطف وقبل أن يجلس معهم.
ويظنون، لقلة عقلهم، أن أميركا ستضغط على إسرائيل لتنسحب من الضفة والقطاع، لتقيم لهم دولة.
أميركا عدو لكم يا مغفلون. ونصيحتها لكم نصيحة الثعلب للديك. ولكن الديك كان أعقل من منكم. (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) صدق الله العظيم.
همسة:
نشرة جريدة السفير الصادرة في 04/04/1989 على لسان أحد الكتّاب ما يلي:
«المكان: بيروت. الزمان: شتاء 1978، كان الموضوع مناقشة كتاب (الأمة ت الجماعة ـ السلطة) في ندوة مع طلاب معهد الدراسات الإسلامية التابع لجمعية المقاصد الخيرية، والكتاب لمدير المعهد الدكتور رضوان السيد، والمناقشون هم الطلبة. المدير درس لسنوات في بيروت وجامعة الأزهر في القاهرة بنية التخرج كرجل دين، ذهب إلى ألمانيا حيث نال شهادة الدكتورة في الدراسات الإسلامية، تعاطف أول نشأته مع أفكار حركة الإخوان ثم اتجه إسلامياً في اتجاه ليبرالي، متأثراً بنمط الدراسات الاستشراقية. الطلاب تتراوح أعمارهم بين العشرين والسابعة العشرين وكان بعضهم يطلق لحيته، وكان بين الأساتذة من هو معروف بماضيه اليساري بين صفوف حركة القوميين العرب في الستينات وإفرازاتها الماركسية. الطلاب الذين شاركوا في النقاش أدلوا بملاحظات سلبية حول عدم انسجام أفكار الكتاب مع الدعوة الإسلامية، وأحد الطلاب ذهب أبعد في استفزاز رضوان الذي هو مديره في آن معاً بأخذه عليه بعض الأخطاء في نقل آيات قرآنية، وهي تهمة قاسية مهما كان موقع الكاتب، لأنها لا تطال آراءه، بل مصداقيته العلمية والدينية.
كان المشهد بالنسبة إليّ كمراقب لا يدع مجالاً بدوره لأي التباس في التقييم، الأساتذة ليبراليون والطلبة محافظون متشددون. كان يكفي أن أعود بالذاكرة إلى أوائل السبعينات عندما كان جيلنا على مقاعد الدراسة كهؤلاء الطلبة الآن، لكي ينقلب المشهد رأساً على عقب، كأي حركة في رياضة الجمباز، كان الأساتذة محافظين، ليس بالمعنى الإسلامي وحده وكان الطلبة يساريين ذوي أفكار آنذاك»..
1989-05-06