الكلام غير الفعل
1988/09/05م
المقالات
3,016 زيارة
من السهل جداً التعليق على أفعال الآخرين. ومن السهل كذلك القول: لو صار الأمر إلينا لفعلنا كذا وكذا. ولا أسهل من الحكم على أفعال الناس: هذا قبيح وذاك حسن. ولكن الصعب هو أن يكون الإنسان فعلاً قادراً على الإقدام على الفعل الصحيح في الوقت الصحيح.
وقد عرف رجل القيادة بأنه صاحب القرار المناسب في الوقت المناسب وهذا يعني أنه عليه أن يحاكم الواقع ويصدر الحكم ويتصرف بناء عليه في الوقت المناسب، مع معرفته التامة بما يفضي إليه هذا التصرف وما يترتب عليه.
وأهم من ذلك أن يكون هذا القائد ملتزماً خطاً مبدئياً معيناً، يراعيه عند إصدار أي حكم، وقبل إتيان أي فعل، بحيث يكون حكمه على الواقع هو حكم المبدأ عليه ومعالجته له.
وقد نرى اليوم ونسمع معظم العاملين للإسلام يقولون: هذا قرار حكيم، وهذا القرار غير صائب، ويحتجون على أفعال سبق الكلام فيها، وفات أوان الحكم عليها. ويحتج غيرهم بالقول إن الكلام غير الفعل، ولو كان الأمر بيدكم لما وسعكم غير ذلك الفعل، وخصوصاً في القيادة والسياسة التي تتطلب سرعة في الحكم وفي اتخاذ القرارات.
ومما عرف بين المشتغلين بالسياسة ما يسمى بالتعليق السياسي، وهو كما يدل عليه اسمه تعليق على ما فات من أفعال قام بها السياسيون.
ونحن نورد هذا الكلام لا للتقليل من أهمية التعليق والحكم على الأفعال، بل بالعكس من المهم أن يكون لدينا القدرة على المحاكمة. كما لا نورده لنبرر لمن يأتي بالمنكرات من الأفعال ـ وخصوصاً فيما يتعلق بمصائر البلاد والعباد، بل بالعكس نحن ندين تلك الأفعال إذا كان فيها ما يغضب الله.
إنما نحب أن نلفت النظر إليه هو ضرورة وجود القدرة على القيادة، أي اتخاذ القرار المناسب بسرعة عند من يعمل بالسياسة، وخصوصاً عند العاملين للإسلام والحكم بما أنزل الله. فقد صار هذا الأمر مما يندر وجوده، وبالتالي ندر وجود عقليات الحكم عند المخلصين من أبناء الأمة. وربما كان سبب ذلك قعود هؤلاء المخلصين عن الاشتغال بالسياسة، وانصرافهم عن التدريب عليها. وربما كان سبب ذلك أيضاً أن معظم المخلصين لا يعملون لاستلام الحكم وتسيير دفته حسب ما أنزل الله.
فهل تلقى هذه الدعوة استجابة، وتراعى هذه الناحية؟
رئيس التحرير
1988-09-05