رؤية حزب التحرير للثورات وطريق نجاحها
2017/03/30م
المقالات
3,813 زيارة
رؤية حزب التحرير للثورات وطريق نجاحها
كلمة الأستاذ أحمد القصص في ندوة بحثية بعنوان «دور الحركات الإسلامية في الثورات العربية».
دعا إليها مركز التطوير التربوي والتنمية الثقافية.
قاعة أزهر البقاع، الأحد 24ربيع الثاني 1438ه، الموافق 22/1/2017م
البداية في الموقف من الثورات. لأنّ الحكم على الشيء فرع من تصوّره، ومناط القضيّة التي نتكلّم عليها هنا هو الثورات.
واقع الثورات التي حصلت أن أناسًا انتفضوا على الظلم. هذا في بداية انطلاقتها. وبالطبع لن أخوض في نقاشٍ حول: هل الثورات مفتعلة وصناعة أميركية؟ أم ليست كذلك؟ فنحن على يقين أنّ هذه الثورات ليست من صنع أحد من دول العالم، لا أميركا ولا من أوروبا ولا غيرهما. إنّما كانت عبارة عن انفجار حصل في أمّة محتقنة. بدأت بشرارة البوعزيزي في أجواء مفعمة بغاز الغضب القابل للانفجار في أيّ لحظة، الغضب الناشئ عن الظلم الذي طال على هذه الأمّة عشرات من السنين، والذي تجاوز الظلم إلى الاستعباد. أضف إلى ذلك سقوط هيبة حكّام لطالما حكموا الناس بالحديد والنار، فوق استنادهم إلى دجل صوّرهم وكأنهم صِمام الأمان في مواجهة العدو الصهيوني والمؤامرة الإمبريالية وما شاكل ذلك. انطلقت الشرارة في تونس وامتدّ حريقها إلى شرق العالم العربي. هذا واقع الثورات في بدايتها، إنّها انتفاضة أمّة على الظلم.
فما رأينا، بل ما رأي الشرع في انتفاض الناس على الظلم؟
إخوتي الكرام:
لو لم يكن ثمّة أيّ مشروع سياسي لدى هؤلاء الناس الذين انتفضوا وثاروا لكانت هذه الانتفاضة بحدّ ذاتها إنجازًا عظيمًا. عملٌ عظيم أن ينتفض الناس على الظلم. فالأمّة التي لا يأخذ فيها المظلوم حقّه من الظالم غير متعتع أمّة محكوم عليها بالموت. ونحن نعرف أنّ الأمّة الإسلامية، وبخاصّة المجال العربي، مورست عليها أساليب شيطانية لإحباطه وبعث اليأس فيه. بل إنّ بعض التيّارات التي تتكلّم باسم السلف الصالح زورًا وبهتانًا ما زالت حتّى الآن تتولّى كبر هذا الإحباط، وترفع صوتها، وتحملق في العيون، مُنذرة ومتوعّدة بأنّ من يخرجون على الحكّام في المظاهرات محتجّين مستنكرين يرتكبون بدعة خطيرة، لأنّ الخروج على الحاكم حرام بزعمها، مهما كان هذا الحاكم ظالـمًا وجائرًا! هؤلاء أخذوا على عاتقهم الإسهام في تكريس حالة الغثائية التي اعترت الأمّة طيلة أجيال من الزمان، وإبقاء الناس غنمًا يرعاها الذئب في ديار المسلمين، ولا سيّما البلاد العربية.
وعليه، لو لم يكن للناس الثائرين أيّ مشروع، سوى أنّهم انتفضوا على الظلم لكان هذا إنجازًا عظيمًا. بل نحن الذين نذرنا أنفسنا لمسيرة التغيير لطالما عانينا عشرات السنين من عقبة كؤود واجهتنا في سيرنا، ألا وهي يأس الناس من إمكانية التغيير. فإذا بالثورة التي انطلقت تبعث في الناس الثقة بأنّهم قادرون على تغيير المعادلة، بل وأنّهم قادرون على أن يكونوا هم الرقم واحد في المعادلة السياسية إن عقدوا العزم.
ولكنّ مجرّد الانتفاض على الظلم لا يكفي. فما تعانيه الأمّة الإسلامية في هذا العصر ليس مجرّد ظلم. فلو كنّا نعيش في ظلّ دولة لا تدين بالولاء للمجتمع الدولي، لأميركا وأوروبا وغيرهما، وكانت هذه الدولة تطبّق على الناس شريعتهم، وظهر فيها حاكم جائر ظالم، لكانت الانتفاضة على الظلم بحدّ ذاته كافية ومثمرة. وهذا واقع عرفه التاريخ الإسلامي: دولة إسلامية تطبّق الإسلام ولا تعرف تشريعًا غير الإسلام، ولكن مرّ عليها حكّام ظالمون، فكان على المسلمين أن يهبّوا لمواجهة ظلمهم. والتاريخ الإسلامي عرف عددًا من هذه الحالات، وهناك كانت الانتفاضة على الظلم كافية.
ولكنّ ما تعانيه الأمّة اليوم ليس مجرّد ظلم. وأكبر خطأ تمارسه اليوم بعض التيارات الثورية – وأشير هنا بشكل خاصّ إلى بعض الناشطين والقادة في سوريا – أنّها حصرت القضية في التخلّص من ظلم حزب البعث ومن شخص بشّار، وليكن بعد ذلك الحاكم الذي سيأتي خاضعًا للمجتمع الدولي ورهينة للإرادة الأميركية، يحكم بدستور وضعي ونظام مدني… المهم أن نتخلص من الظلم! هذا أخطر توجّه من شأنه أن يجهض الثورات وأن يقضي عليها ويذهب بثمراتها كلّها. لماذا؟
لأنّ الأمّة الإسلامية تعاني- فوق معاناتها من الظلم – ما هو أخطر بكثير من الظلم. الكارثة الكبرى التي ألـمّت بالأمّة الإسلامية منذ قرن من الزمان أنّها فقدت هويّتها منذ أن قضي على دولتها عقب الحرب العالمية الأولى. خرجت الأمّة من دائرة الحياة الإسلامية منذ قرن من الزمان. وباتت تعيش خلاف ما أنزل الله سبحانه وتعالى من طريقة العيش للناس. هذه هي الكارثة العظمى.
والكارثة الهائلة الثانية التي تلي الكارثة الأولى خطورةً، أنّ الأمّة الإسلامية فقدت سلطانها. فلم تقتصر كارثة الأمّة على فقدانها هويّتها وخروجها من دائرة الحياة الإسلامية، وإنّما بات السلطان في البلاد الإسلامية للكافر المستعمر، وليس كما يتوهّم الذين يقصرون وظيفة الثورة على الإطاحة ببشّار وحسني وبن عليّ وفلان وعلّان… أنّ سلطاننا سلبه منّا أمثال هؤلاء الأقزام! سلطان الأمّة الإسلامية سُلِب لصالح الغرب. والطغاة الذين حكموا البلاد الإسلامية منذ قرن من الزمان، منذ خيانة الحسين بن عليّ في الحجاز وانقلاب مصطفى كمال في تركيّا، كانوا نواطير أُجراء عند الإرادة الدولية، سواء تمثّلت بأوروبا أم بأميركا. وبالتالي فإنّ القضية أكبر من أن تحصر بالتخلّص من ظلم الطاغية.
وعليه وجب على الثورات أن تتجاوز قضيّة الثورة على الظلم وإسقاط الحاكم الظالم إلى إسقاط الهيمنة الدولية على ديار المسلمين. فالظلم الذي تجسّد في الحاكم الحالي يمكن أن يتجسّد في الذي سيأتي بعده، ما دام سيأتي بالإرادة الدولية نفسها. فها نحن رأينا أنّ الثورة في تونس حين اقتصرت على إسقاط بن عليّ آل أمرها إلى إعادة إنتاج نظامه من جديد، وإن كان بوجه جديد. فها هو رفيق درب بن عليّ يحكم تونس الآن .جلّ ما في الأمر أن أظافر الحاكم الجديد أقصر، ويمكنها أن تطول فيما بعد إن حصلت عملية ترويض جديدة للأمّة في تونس. وأسوأ ممّا حصل في تونس حصل في مصر، حيث أتى حاكم بأظافر أطول من أظافر مبارك… وهكذا. وهذا دليل إضافي على أنّ الغرب لم يصنع هذه الثورات، ليبدّل المشهد السياسيّ كما يتوهّم البعض، بدليل أنّه أعاد تونس ومصر، حيث انطلقت أوّل ثورتين، إلى ما كانتا عليه. فما فعله الغرب إذًا في مواجهة الثورات أنّه أجهضها، بأن فرّغها من أيّ تغيير سياسي. لهذا قلنا: إذا كان الشرارة التي أشعلت الثورات هي الظلم، فلا يجوز أن تقتصر على هدف التخلص من الظلم.
والواقع أنّ الأمّة لن تتخلّص من الظلم ما لم تستعد هويّتها بإعادة السيادة للشرع، وما لم تستعد سلطانها بانتزاع الحكم من الإرادة الدولية ووكلائها الطغاة. لماذا؟ لأنّ الأمّة إن لم تستعد هويّتها وسلطانها فسيظلّ الذي يحكمها هو غيرها من الطوائف والعلمانيين لصالح أسيادهم في الغرب. وما دام هؤلاء مسيطرين فلا وسيلة لهم للحفاظ على عروشهم وملكهم إلّا القمع والظلم. لماذا؟ لأنّهم إن أتاحوا للناس أن يعبّروا عمّا يريدون وسمحوا لهم بأن يختاروا ما يريدون فإنّ الناس سوف يختارون الإسلام. وكل الاستفتاءات والانتخابات التي أُجريت منذ عشرات السنين كانت تؤكّد أنّ الأمّة إن سُمح لها بالاختيار الحقيقي، لا بالتزوير والتخيير بين السيّئ والأسوأ، تختار الإسلام. والحالة الجزائرية مطلع التسعينات من القرن الماضي كانت المثال الأبرز على هذه الحقيقة، إذ اختار الجزائريون من طريق الانتخابات آنذاك الإسلام الذي تبنته الجبهة الإسلامية للإنقاذ، فسارع قادة العسكر المأمورون من الخارج الأوروبي إلى تنفيذ انقلاب على العملية السياسية والانتخابية، وأدخلوا البلاد في أتون من الدم وأنهار من الدماء، قطعًا للطريق أمام إرادة الأمّة. وبالتالي لن تتخلّص الأمّة بتاتًا من الظلم ما لم تستعد هويّتها الإسلامية وما لم تستعد سلطانها، أي بأن تكون هي صاحبة الحقّ في اختيار الحاكم وتنصيبه. وعليه فإنّ الثورات محكوم عليها بأن تفشل وتُجهَض ما لم تُزوَّد بمشروع سياسي.
وتأكيدًا لهذه الحقيقة أضرب مثالين من التاريخ الحديث والمعاصر.أوّلهما الثورة الفرنسية، وثانيهما الثورة البلشفية الروسية.
أمّا الثورة الفرنسية، فقد سبقتها ثوراتٌ وثوراتٌ، في فرنسا وأوروبا كلّها، ولكنّ معظم هذه الثورات لم تغيّر الواقع في أوروبا. لماذا؟ لأنّها لم تكن تمتلك مشروعًا سياسيًّا. بينما نجحت الثورة الفرنسية في تغيير وجه أوروبا، بل في نقلها من تاريخ إلى آخر. لماذا؟ لأنّ الثورة الفرنسية حظيت بمن زوّدها بمشروع سياسيّ مبنيّ على عقيدة سياسية جديدة، هي عقيدة فصل الدين عن الحياة، وما انبنى عليها من فكرة العقد الاجتماعي والديمقراطية وتكاملها مع النظام الرأسمالي، فتشكّلت منظومة فكرية جديدة صاغت المجتمع الأوروبي صياغة جديدة وحوّلته إلى مجتمع آخر يعيش حياة جديدة غير تلك التي سادت في العصور الوسطى دهورًا وقرونًا.
وأمّا الثورة البلشفية، فإنّ من يقرأ تاريخ روسيا يجد أنّه قد سبقت الثورةَ البلشفيةَ ثوراتٌ وثوراتٌ أيضًا. بل قبل الثورة البلشفية بشهور، في خضمّ الحرب العالمية الأولى، اندلعت ثورة شعبية أسقطت القيصر وأنهت حكم أسرته التي هيمنت على حكم روسيا ثلاثة قرون. ولكنّ سقوط القيصر لم يُحدث تغييرًا حقيقيًا في البلاد. فإذا بالبلاشفة الشيوعيين يدخلون على خطّ الثورة ويحمّلون الشعب الثائر قضيّة سياسية، ويرفعون لثورتهم أربعة أهداف، هي: الخروج من الحرب، وتسليم الأراضي الزراعية للفلّاحين، وتسليم المصانع للعمّال، وتحويل السلطة إلى الشعب. هذه الشعارات صارت زاد الناس في ثورتهم، وقادهم الشيوعيون الذين يملكون المشروع السياسي شبه المكتمل، فتغيّر وجه روسيا، وقام الاتّحاد السوفياتي، وكان أهمّ معالم القرن الماضي، بل كان أحد العملاقين فيه، وشكّل تهديدًا حقيقيًّا للرأسمالية المهيمنة على العالم.
أيّها الإخوة:
نحن المسلمين عندنا مفاهيم عظمى أساسية، ينبغي أن نبني عليها سائر أفكارنا وكلّ تصرّفاتنا. من أهمّ تلك المفاهيم أنّ أخطر ما يهدّد حياتنا، بل ويبدّلها، هو الطاغوت. وهو أخطر بكثير من الطغيان. صحيح أنّ الطغيان يشكّل تهديدًا خطيرًا للحياة الإسلامية، والله تعالى يمقته ولا يرضاه لعباده، ولا يجوز للمسلمين أن يسكتوا عنه. ولكنّ ما هو أخطر بكثير من الطغيان هو الطاغوت. وما أعنيه بالطاغوت ذلك المعنى الذي ورد في كتاب الله عزّ وجلّ. الطاغوت الذي هو نقيض الإيمان بالله تعالى: (فَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا)، والذي هو نقيض الشرع الذي أنزله الله سبحانه وتعالى: (أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِ). والتحاكم إلى الطاغوت هو التحاكم إلى أيّ شرع غير شرع الله سبحانه وتعالى. هذا المفهوم هو من الأسس التي يجب أن تبني الأمّة عليها تفكيرها في التغيير.
إنّ الأمّة الإسلامية في هذا الزمان تعاني من هيمنة نظام دولي كرّس حكّامًا محلّيين ليحكموا بغير ما أنزل الله، وليمنعوا الأمّة من استئناف الحياة الإسلامية والحكم بما أنزل الله. وممنوع على الأمّة أن تمحو الحدود التي رسمتها اتّفاقية سايكس-بيكو وأخواتها، بل المخطّط الأمريكي يقضي بزيادة حدود جديدة على حدود سايكس-بيكو، تُقسّم المقسّم وتُفتّت المفتّت، وفق القاعدة الشهيرة «فرّق تسد».
لذا أيّها الإخوة الكرام
واكب حزب التحرير الثورات منذ أوّل ثورة اندلعت، في تونس. ومن تابع أحداث هذه الثورة يعرف أنّ شباب حزب التحرير كانوا في المقدّمة والطليعة في الأيّام الأولى من ثورة تونس. وكان خطابهم لأهل تونس أنْ لا خلاص لكم ممّا تعيشون فيه بإسقاط بن عليّ وحسب. إنّما الخلاص يكون باستئناف الحياة الإسلامية واستعادة سلطان المسلمين في بلادهم. وما دمنا حجرًا على رقعة الشطرنج الدولية نخضع للمجتمع الدولي، فلن نخرج ممّا نحن فيه.
سيقول قائل: وهل يملك قُطر من الأقطار أن يتمرّد على المجتمع الدولي مع ما يملكه هذا المجتمع من آلة وقوّة وإمكانيات؟ نقول: نعم، لا يمكن لمشروع قطري أن يتمرّد على المجتمع الدولي وأن يخرج من هيمنته. ولذا نقول: إنّ التفكير بالتغيير لا يجوز بتاتًا أن يكون على القياس القُطريّ المحليّ. فالمسلمون في أيّ قطر من أقطارهم هم جزء من أمّتهم من شرق الأرض إلى غربها، لا يجوز أن ينفصلوا عنها. ولولا أنّ المسلمين أمّة ذات مشروع حضاري وذات هويّة شكّلت خطرًا على ممالك الغرب مئات السنين – وما زالت تُشكِّل هذا الخطر- لَما تَعامَل معها المجتمع الدولي بهذا اللؤم. إنّ دول الغرب تتعامل مع كثير من شعوب العالم بقبضة مرتخية أكثر بكثير من تعاملها مع العالم الإسلامي، لأنّ تلك الشعوب لا تمتلك مشروعًا حضاريًّا يمكن أن ينافس الهيمنة الحضارية والمادّية الغربية. أمّا هذه الأمّة، فإنّ الغرب يدرك كامل الإدراك أنّها بمجرّد أن تستنشق بعض الهواء وتنتعش وتستعيد عافيتها فإنّها ستقطع دابر نفوذه من العالم الإسلامي، وأنّه سوف يختنق بمجرّد انقطاع الشرايين التي تنقل النفظ والثروات من هذه البلاد إلى أوروبا وأميركا. وبعد ذلك ستكون الطامّة عليه أعظم حين تنتصب الأمّة الإسلامية حضارةً تُذهل العقول وتسحر أمم الغرب بمجرد تَجسُّدها طريقةً للعيش في دولة تطبّق الإسلام برّاقًا ألمعَ ممّا كان عليه في غابر التاريخ.
لذلك فإننا أيّها الإخوة نقول:
إنّ هذه الأمّة منصورة بإذن الله تعالى، ونحن موعودون بالنصر من الله تعالى ومن رسوله صلّى الله عليه وسلّم. ولكن على ثورة الأمّة -كي تفلح في تغيير الواقع وتنال هذا النصر- أن تكون ثورة أمّة لا ثورة أقطار، ولا ثورة أوطان، ولا ثورة جائعين، ولا ثورة مظلومين… ثورة أمّة عقدت العزم على استئناف حياتها الإسلامية، بحمل مشروع سياسي عابر للحدود القُطرية.
وإنّ هذه الأوضاع التي تعيشها الأمّة اليوم، وما وصلت إليه من مآزق تعجز عن مواجهتها المشاريع القُطرية المحلّية، تعزّز أكثر وأكثر الثقة بأنّ مشروعنا الذي حملناه – وما زلنا نحمله- منذ عشرات السنين، مشروع استئناف الحياة الإسلامية من طريق إقامة الخلافة الإسلامية الراشدة، هو المشروع الوحيد القابل للتنفيذ، والكفيل بإخراج الأمّة من مآزقها. لأنّ الأحداث الأخيرة التي عصفت بالأمّة في السنوات الأخيرة أثبتت بما لا يدع مجالًا للشكّ أنّه لا يمكن أن يكون ثمّة انفكاك من أغلال الأسرة الدولية التي هي أُسّ البلاء، إلّا بمشروع سياسي على قياس الأمّة الإسلامية، عابر للحدود السياسية والقومية والقطرية، لتكون الأمّة جاهزة في لحظة من اللحظات التاريخية لتجتمع تحت راية واحدة، وراء حاكم واحد، في كنف دولة واحدة، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوّة.
2017-03-30